رغم تصاعد الضغوط السياسية، من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه يوم الأربعاء، مما سيمثل القرار الرابع على التوالي بالحفاظ على المعدلات دون تغيير.
وسط بيانات اقتصادية متباينة، وتراجع التضخم، وعدم اليقين الناتج عن سياسات الرئيس ترامب وتوترات الشرق الأوسط، لا يزال الفيدرالي حذرًا بشأن أسعار الفائدة. وستراقب الأسواق العالمية عن كثب المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي جيروم باول للحصول على مزيد من التوضيحات بشأن التوقعات المستقبلية.
ورغم انتقادات ترامب المستمرة لباول ومطالبته بخفض أسعار الفائدة، إلا أن الفيدرالي يرى أن مسار الاقتصاد لا يزال غير واضح بما يكفي للمجازفة بخفض الفائدة بسرعة.
الحذر مستمر
من المتوقع أن يُبقي الفيدرالي على سعر الفائدة عند نسبة ٪٤٫٥. وتشير أداة “CME FedWatch” إلى عدم حدوث أي خفض حتى شهر أيلول / سبتمبر من عام ٢٠٢٥. وتدعم البيانات الاقتصادية الأخيرة هذا الموقف الحذر، إذ لا يزال سوق العمل مستقرًا، بينما تراجع التضخم لأربعة أشهر متتالية. ⁽١⁾
لا تظهر مؤشرات تحذيرية في الاقتصاد تدفع الفيدرالي إلى التدخل. وقد أوضح باول في مؤتمره الصحفي السابق أن الفيدرالي سيأخذ وقته في تقييم البيانات، وخصوصًا تأثير الرسوم الجمركية، قبل اتخاذ أي قرار. ⁽٢⁾
وتوقّع المسؤولون أن تؤدي رسوم ترامب إلى رفع الأسعار وتباطؤ النمو، وهي مخاطر أشار إليها بيان الاجتماع السابق، مما قد يضع الفيدرالي في موقف صعب بين اتجاهين متعاكسين.
البيانات الاقتصادية
استقر معدل البطالة لمدة ثلاثة أشهر، رغم تباطؤ نمو الوظائف، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تراجع الهجرة، مما قلل من عرض العمالة. وكلما طالت مدة استقرار معدل البطالة، زادت قدرة الفيدرالي على الإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة كأداة ضد التضخم المحتمل. ⁽٣⁾
في الولايات المتحدة، قد يتباطأ نمو الوظائف بسبب تخفيضات متوقعة من القطاع الخاص نتيجة سياسات ترامب، كما يُتوقع انخفاض عدد الوظائف الحكومية الفيدرالية بسبب مبادرات إيلون ماسك لخفض الإنفاق.
وقد أشار “الكتاب البيج” الأخير للفيدرالي إلى حالة من عدم اليقين تؤخر التوظيف، حيث أبلغت الشركات عن انخفاض الطلب على العمالة، وتقليص ساعات العمل، وخطط لتقليص الموظفين. كما حذّر التقرير من زيادات محتملة في الأسعار.
كما لم تُظهر بيانات الأسعار ما يدعو للقلق، حيث ارتفع التضخم العام بأقل من المتوقع في شهر أيار / مايو، للشهر الرابع على التوالي. وارتفعت سندات الخزانة الأسبوع الماضي مدعومةً بتوقعات حدوث أكثر من خفض للفائدة هذا العام. ⁽٤⁾
رسوم ترامب والتوترات العالمية تضعان الفيدرالي أمام تحديات إضافية
قد تستمر رسوم ترامب في تهديد أهداف الفيدرالي لتحقيق التوظيف الكامل والتضخم المنخفض. ومن المتوقع أن تعيد هذه الرسوم إشعال التضخم وتبطئ النمو، مما يضع الفيدرالي أمام معضلة بين السيطرة على الأسعار ودعم الاقتصاد.
وقد ينتظر مسؤولو الفيدرالي بيانات إضافية لفهم التأثير الحقيقي للرسوم على المستهلكين.
كما ستُثير الحرب بين إسرائيل وإيران تساؤلات إضافية، فرغم أن الفيدرالي يتجاهل عادةً تحركات أسعار الطاقة، إلا أن صدمة في أسعار النفط قد تؤثر في توقعات التضخم.
توقعات جديدة وإشارات للسياسات
سيصدر الفيدرالي في اجتماعه توقعات جديدة للاقتصاد وسعر الفائدة، وهي الأولى منذ يوم التحرير. وقد توضح هذه التوقعات مسار الفيدرالي. وإذا توقّع المسؤولون ارتفاع البطالة هذا العام إلى ما فوق نسبة ٪٤٫٤ التي تنبأوا بها في آذار / مارس، فقد يسعون لخفض الفائدة قبل الربع الرابع. ⁽٥⁾
وقد أشار بعض مسؤولي الفيدرالي، بمن فيهم الحاكم كريستوفر والر، إلى استعدادهم لخفض الفائدة، معتبرين أن تأثير الرسوم على الأسعار مؤقت ما دامت توقعات التضخم منخفضة. ويتماشى هذا مع تحليلات السوق، حيث يرى المتداولون أن تأثير الرسوم سيكون قصير الأمد. ⁽٦⁾
لكن إذا رفع المسؤولون توقعاتهم للتضخم، فقد يقلصون عدد مرات الخفض المتوقعة هذا العام من خفضين كما تنبأوا في آذار / مارس، إلى خفض واحد فقط. ⁽٧⁾
ضغوط سياسية ومرشح جديد لرئاسة الفيدرالي
واصل ترامب هجماته على الفيدرالي، مطالبًا بخفض فوري للفائدة بمقدار ١٠٠ نقطة أساس لتفادي ركود اقتصادي. ومع ذلك، لا يزال الفيدرالي مستقلًا، ولم يرد باول على تصريحات ترامب. وقد تؤدي مواصلة تثبيت الفائدة إلى مزيد من التوتر بين الفيدرالي والبيت الأبيض.
وتزايدت الشائعات داخل إدارة ترامب وخارجها عن احتمال ترشيح اسم جديد لرئاسة الفيدرالي، وهو وزير الخزانة سكوت بيسنت. ⁽٨⁾
وقال ترامب يوم الجمعة إنه سيعلن قريبًا عن خليفة لباول، الذي تنتهي ولايته في أيار / مايو ٢٠٢٦. وتشمل قائمة المرشحين أيضًا كيفن وورش، وهو مسؤول سابق في الفيدرالي سبق أن قابله ترامب لمنصب وزير الخزانة في تشرين الثاني / نوفمبر.
لكن بيسنت، الذي يقود جهود ترامب لإعادة تنشيط الاقتصاد الأمريكي عبر تغييرات واسعة في التجارة والضرائب والتنظيم، يُعتبر الآن من أبرز المرشحين لهذا المنصب. ⁽٩⁾