يواصل مؤشر ناسداك 100 تراجعه الحاد، مع استمرار تأثير العوامل الاقتصادية الأساسية بشكل كبير عليه، حيث دخل الآن منطقة التصحيح. انخفض المؤشر بنسبة 10% من أعلى مستوى له على الإطلاق.
شكّلت سياسات ترامب والبيانات الاقتصادية الضعيفة والموقف المتشدد لبنك الاحتياطي الفيدرالي رغم ضعف الاقتصاد العوامل الرئيسية وراء هذا الانخفاض الحاد في مؤشر ناسداك.
ترامب يثير المزيد من عدم اليقين
لا تزال حالة عدم اليقين بشأن الحرب التجارية قائمة، حيث يترقب المستثمرون مدى تصعيد الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية الأمريكية. فقد أعلن ترامب فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، و20% على الواردات الصينية، مما أدى إلى صدمة في الأسواق العالمية وأثار موجة بيع كبيرة في الأسهم، وزاد من المخاوف بشأن الحرب التجارية.
وفي 6 مارس، أعلن ترامب عن تأجيل الرسوم الجمركية على بعض السلع المكسيكية. كما وأكد البيت الأبيض لاحقًا أن التأجيل يشمل أيضًا بعض السلع الكندية، في إطار البدء بمفاوضات حول الرسوم الجمركية. ⁽¹⁾
ترامب لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي
في مقابلة حديثة مع فوكس نيوز، لم يستبعد الرئيس دونالد ترامب احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي تنفذها إدارته قد تؤدي إلى اضطرابات قصيرة الأجل، لكنها تهدف إلى تحقيق الازدهار على المدى الطويل.
تشمل هذه الإصلاحات فرض رسوم جمركية جديدة، وتشديد قيود الهجرة، وتخفيضات كبيرة في اللوائح التنظيمية والوظائف الحكومية والضرائب. كما توقع وزير الخزنة سكوت بيسنت فترة تعديل اقتصادي نتيجة انخفاض الإنفاق الحكومي. ⁽²⁾
في المقابل، ردت الصين بفرض تعريفات جمركية بنسبة 15% على الواردات الأمريكية، بينما يدرس ترامب فرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية، مما يزيد من التوترات الجيوسياسية، ولكن هذه المرة مع أوروبا. ⁽³⁾
كل هذه التطورات أدت إلى خسائر فادحة في أسواق الأسهم الأمريكية، وخصوصًا في مؤشر ناسداك 100، حيث تتأثر أسهم التكنولوجيا بشدة بأي تغييرات في السياسات الاقتصادية، لا سيما الرسوم الجمركية على الصين، التي تعتمد عليها الشركات التكنولوجية الكبرى في استيراد المواد اللازمة لصناعتها.
رأي بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن الرسوم الجمركية؟
صرّح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، يوم الجمعة، بأن البنك المركزي الأمريكي لا يزال ينتظر توضيحات بشأن سياسات ترامب قبل اتخاذ أي قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة. ⁽⁴⁾
وأشار باول إلى أن البيت الأبيض بصدد تطبيق تغييرات كبيرة في السياسات التجارية والهجرة والضرائب والتنظيمات، وأن التأثير الصافي لهذه التغييرات سيكون العامل الحاسم في المسار الاقتصادي والسياسة النقدية.
وأضاف باول أن حالة عدم اليقين بشأن هذه السياسات وتأثيراتها لا تزال مرتفعة، مؤكداً أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، ويفضل انتظار أن تتوضّح الصورة الاقتصادية قبل اتخاذ أي قرار. ⁽⁵⁾
في الوقت الحالي، يتوقع المستثمرون أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة خلال هذا العام، مع إبقاء الفائدة دون تغيير في الاجتماع القادم يوم 19 مارس. ⁽⁶⁾
البيانات الاقتصادية الأمريكية مخيبة للآمال
أظهرت بيانات الوظائف غير الزراعية الصادرة يوم 7 مارس نتائج أضعف من المتوقع، حيث بلغت 151 ألف وظيفة فقط، مقارنة بـ 160 ألف وظيفة متوقعة. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.1% من 4% على نحو غير متوقع، على الرغم من انخفاض طفيف في معدل الأشخاص الذين يبحثون عن وظيفة.
أدت هذه البيانات الضعيفة إلى زيادة ضغوط البيع على مؤشر ناسداك 100. ⁽⁷⁾
في الوقت نفسه، استمر التضخم الأمريكي في الارتفاع لمدة خمسة أشهر متتالية، مما وضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب، وسط تزايد المخاوف الاقتصادية وارتفاع توقعات التضخم لدى المستهلكين.
السؤال الرئيسي الآن هو ما إذا كانت هذه التوقعات ستدفع التضخم إلى مزيد من الارتفاع، أم أن البيانات الاقتصادية الضعيفة وانخفاض أسعار النفط سيخففان من الضغوط التضخمية. ⁽⁸⁾
يركز المتداولون والمستثمرون الآن على بيانات التضخم القادمة، حيث سيتم إصدار بيانات مؤشر أسعار المستهلكين يوم الأربعاء 12 مارس، مع توقعات بارتفاع سنوي نسبته 2.9%. كما ستصدر بيانات مؤشر أسعار المنتجين يوم الخميس، مع توقعات بزيادة شهرية قدرها 0.3%. ⁽⁹⁾
المصادر: ⁽¹⁾ ⁽²⁾ ⁽³⁾ ⁽⁷⁾ رويترز، ⁽⁴⁾ ⁽⁵⁾ ⁽⁶⁾ سي إن بي سي، ⁽⁸⁾ ترايدنج إيكونومكس، ⁽⁹⁾ آكيويتي