حتى الآن في عام 2024، ظلت أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية في الولايات المتحدة مستقرة نسبيًا على الرغم من تقلبات الأسواق الأوسع، حيث أظهرت شركات كبرى مثل “وول مارت” و”بروكتر آند جامبل” و”تارجت” قدرة على الصمود.
في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، تواصل هذه الشركات توفير خيار استثماري آمن بفضل طبيعتها الأساسية وقدرتها على التكيف مع ضغوطات التضخم، والتغيرات في أسعار الفائدة، وتبدل سلوك المستهلكين.
وول مارت
حافظت شركة وول مارت على أداء قوي في عام 2024، مستفيدة من انتشارها الواسع في مجال البيع بالتجزئة والطلب المستمر على السلع الأساسية. وقد تعززت أسهم الشركة بفضل نجاحها في التجارة الإلكترونية، مع تحقيق نمو ملحوظ في خدمات البقالة عبر الإنترنت والمبيعات الرقمية.
ورغم التحديات المتعلقة بسلاسل التوريد وضغوطات التضخم، تمكنت وول مارت من التكيف من خلال توسيع خدمات التوصيل والاستلام، مما عزز موقعها كأحد اللاعبين الرئيسيين في سوق التجزئة المتغير.
أظهرت النتائج المالية الأخيرة نموًا قويًا في الإيرادات والدخل التشغيلي والتجارة الالكترونية. بلغ معدل ربح السهم 0.58 دولار، متجاوزًا التوقعات البالغة 0.53 دولار. كما تجاوزت الإيرادات التوقعات لتصل إلى 169.6 مليار دولار، مدعومة باستراتيجيتها الناجحة ذات القنوات المتعددة. وارتفع الدخل التشغيلي بنسبة 8.2% ليصل إلى 6.7 مليار دولار بفضل الإدارة الفعالة للتكاليف وتحسين هوامش الربح.
من المتوقع أن تنهي وول مارت العام بقوة، حيث تتصدر مبيعات البقالة مزيج منتجاتها من السلع الأساسية والكمالية.
بدأت الشركة بالفعل بداية جيدة لموسم العطلات، حيث أكد المدير المالي جون ديفيد ريني أنه من المتوقع أن تنمو المبيعات في الربع الرابع بنسبة تتراوح بين 3٪ إلى 4٪. ومع تزايد ضغوطات التضخم، استحوذ المتجر أيضًا على الطلب بفضل الإقبال الكبير عليه حيث يتدفق الناس لشراء السلع الأساسية بأسعار أرخص.
بروكتر آند جامبل
حققت شركة بروكتر آند جامبل أداءً قويًا في عام 2024، خاصة في قطاعات التجميل والصحة والنظافة. ورغم ضغوطات التضخم، نجحت الشركة في رفع أسعار العديد من منتجاتها، مما ساعدها في الحفاظ على هوامش الربح. ووفرت علامات تجارية رائدة مثل “تايد” و”بامبرز” و”جيليت” الاستقرار خلال الظروف الاقتصادية الصعبة.
مع ذلك، سجلت الشركة إيرادات أقل من المتوقع بسبب انخفاض الطلب في الصين، ثاني أكبر أسواقها. تراجعت المبيعات العضوية في السوق الصينية الكبرى بنسبة 15% خلال الربع الأول المالي، نتيجة لارتفاع معدلات البطالة وانخفاض أسعار العقارات، مما أثر سلبًا على الإنفاق الاستهلاكي.
وفيما يتعلق بالأرباح، سجلت الشركة ربحًا بقيمة 1.93 دولار للسهم، متجاوزة التوقعات البالغة 1.90 دولار، ولكن الإيرادات البالغة 21.74 مليار دولار كانت أقل من التوقعات البالغة 21.9 مليار دولار.
لمواجهة التراجع في الصين، كثفت شركة بروكتر آند جامبل جهودها التسويقية على منصة “دويين” (النسخة الصينية من تيك توك)، بالتعاون مع مؤثرين لزيادة مبيعات منتجات مثل شامبو “بانتين”. كما استمرت في الاستثمار في الولايات المتحدة من خلال توسيع منشآتها في سانت لويس باستثمار قيمته 180مليون دولار وتوفير 100 وظيفة جديدة.
تارجت
كان أداء شركة “تارجت” في عام 2024 متباينًا، حيث أظهرت الشركة نقاط القوة والتحديات. على الجانب الإيجابي، استفادت الشركة من علامتها التجارية القوية لتلبية الطلب على السلع الأساسية والكمالية، مما ساهم في الحفاظ على ولاء العملاء رغم التضخم.
ومع ذلك، واجهت الشركة ارتفاعًا في التكاليف التشغيلية ومشاكل في إدارة المخزون. وعلى الرغم من خفض أسعار آلاف المنتجات وإطلاق مبيعات مبكرة لموسم الأعياد، جاءت أرباح الشركة وإيراداتها أقل من توقعات السوق.
بلغت أرباح “تارجت” للربع الأخير 1.85 دولار للسهم، مقارنة بتوقعات بلغت 2.30 دولار، في حين بلغت الإيرادات 25.67 مليار دولار، وهو أقل من التوقعات البالغة 25.9 مليار دولار.
ولجذب العملاء خلال موسم الأعياد، أطلقت تارجت تخفيضات كبيرة تصل إلى 70% على الإلكترونيات والأجهزة المنزلية والألعاب والملابس، بالإضافة إلى تخفيض أسعار أكثر من 2000 منتج.
الخلاصة
بشكل عام، تتعامل شركات وول مارت وبروكتر آند جامبل وتارجت مع تحديات عام 2024 بأداء متباين لكنه إيجابي في المجمل. يعكس هذا الأداء مرونة قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية، على الرغم من التضخم والتكاليف المتزايدة واضطرابات سلسلة التوريد.
وقد نجحت هذه الشركات في الاستفادة من علاماتها التجارية القوية، وشبكات التوزيع الواسعة، والاستراتيجيات المبتكرة للحفاظ على النمو. ومع ذلك، سيظل نجاحها المستقبلي يعتمد على قدرتها على إدارة التكاليف، والتكيف مع التغيرات في تفضيلات المستهلكين، والحفاظ على هوامش الربح.
