تُعرف الانتخابات الأمريكية بخلق تقلبات في الأسواق حيث يتفاعل المستثمرون مع حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات كل مرشح والوضع الاقتصادي العام.
وفي حين كان من المتوقع أن تكون المنافسة بين جو بايدن ودونالد ترامب، إلا أن السباق لعام 2024 شهد تحولاً مع انسحاب بايدن ودعمه لترشيح كامالا هاريس كممثلة للحزب الديمقراطي.
على الرغم من أن نتائج الانتخابات غالباً ما تسبب تقلبات في الأسواق على المدى القصير، تشير البيانات التاريخية إلى أن هذه التأثيرات قد تكون أقل أهمية على التوجهات طويلة الأجل.
ومع ذلك، فإن نهاية الانتخابات توفر رؤية واضحة، مما يسمح للمتداولين بوضع استراتيجيات دون التقلبات التي تضفيها الانتخابات عادةً على الأسواق.
التأثيرات المحتملة على سوق العملات
توفر نتيجة الانتخابات الأمريكية إطاراً لتقييم كيفية تأثير سياسات الحزب الفائز على الاقتصاد، مما قد يؤثر بدوره على نهج بنك الاحتياطي الفيدرالي في السياسة النقدية.
ومع عدم وجود مرشح متقدم بوضوح في استطلاعات الرأي الحالية، لا يزال السباق محتدماً، رغم أن التوقعات الأخيرة تشير إلى ميل الأسواق نحو فوز ترامب. إلا أن العديد من المستثمرين لا يزالون يعتبرون النتيجة غير محسومة، مما يمهد الطريق لتفاعلات كبيرة في السوق بمجرد إعلان النتائج.
تحمل الانتخابات الأمريكية أيضاً تداعيات كبيرة على سوق العملات، خاصةً فيما يتعلق بالسياسات التجارية والإنفاق المالي وأسعار الفائدة. ومن المحتمل أن تشهد البلاد حكومة منقسمة، حيث يتولى الرئيس الدور الأساسي في السياسة التجارية، مما قد يؤثر مباشرةً على تقلبات العملات.
اعتماداً على نتيجة الانتخابات، قد يتغير مسار الدولار الأمريكي، مما يؤثر على العملات العالمية وأزواج العملات مثل اليورو/الدولار الأمريكي. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الاتجاهات السابقة ليست مؤشرات مضمونة للتقلباتا المستقبلية.
الأسواق في حال فوز الديمقراطيين
قد يكون لفوز الديمقراطيين، خصوصاً مع سياسات متوافقة مع إدارة بايدن الحالية، تأثيرات مختلطة على الأسواق المالية على المدى القصير والطويل، حيث ستشهد بعض القطاعات تحولات بناءً على توقعات السياسة.
الدولار الأمريكي
سيؤدي فوز كامالا هاريس على الأرجح إلى استمرار السياسات الاقتصادية لإدارة بايدن. وقد يؤدي هذا السيناريو إلى إضعاف الدولار الأمريكي بسبب انخفاض التوسع المالي وتراجع التضخم. ومع انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، قد يواجه الدولار ضغوطاً هبوطية، مما يعود بالفائدة على العملات الأخرى مقابل الدولار.
سوق الأسهم
من المرجح أن تؤدي رئاسة كامالا هاريس إلى توسيع سياسات بايدن، مما يعزز القطاعات المرتبطة بالطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية، مثل شركات “لوسيد” و “ريفيان” وشركات الطاقة الشمسية مثل “نكست ايرا” و”فرست سولر”.
وقد تدفع سياسات المناخ الطموحة لهاريس، بما في ذلك احتمال حظر التكسير الهيدروليكي وتوسيع البنية التحتية للسيارات الكهربائية، نمو قطاع الطاقة المتجددة.
أما في قطاع الرعاية الصحية، قد تدفع هاريس نحو مفاوضات لخفض أسعار الأدوية في “ميدي كير”، مما قد يضغط على شركات الأدوية بينما يفيد شركات تقديم الرعاية الصحية مثل “يونايتد هيلث” و “سي في اس هيلث”.
ومن المرجح أن تؤدي سياستها الحذرة تجاه تنظيم الذكاء الاصطناعي إلى بعض عدم اليقين بشأن أسهم شركات الذكاء الاصطناعي مثل “انفيديا” و”بالانتير”، حيث قد تؤثر القوانين الجديدة على نمو هذا القطاع.
كما أن عهد إدارتها قد يشهد زياة في الإنفاق على البنية التحتية، مع التركيز على الطاقة الخضراء والنقل والإنترنت السريع، مما يفيد الشركات المشاركة في مشاريع حديثة وذات صلة بالمناخ مثل “كاتربيلر” و”فولكن ماتيريالز” و”نوكور”.
السلع
بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الفحم والنفط، قد يؤدي فوز كامالا هاريس في الانتخابات إلى زيادة الطلب على سلع مثل النحاس والليثيوم والكوبالت المستخدمة في الطاقة المتجددة.
ويمكن أن تشهد المعادن الصناعية مثل النحاس والألومنيوم والصلب زيادة في الطلب بسبب خططها للبنية التحتية. ومن الممكن أن تتأثر السلع الزراعية مثل الذرة وفول الصويا بتغيرات سياسات التجارة والقوانين البيئية.
الأسواق في حال فوز الجمهوريين
من المرجح أن يؤثر فوز الجمهوريين بشكل كبير على الأسواق المالية من خلال التحولات في السياسات المتعلقة بالتجارة والطاقة والمالية وقطاعات أخرى رئيسية.
الدولار الأمريكي
في حال فوز الجمهوريين بزعامة دونالد ترامب، من المتوقع أن تشهد البلاد سياسات تجارية أكثر قوة، مثل زيادة الرسوم الجمركية. وقد يقوي هذا الدولار الأمريكي مبدئياً بسبب التضخم المرتفع وزيادة أسعار الفائدة.
ومع ذلك، قد يكون هذا الارتفاع قصير الأجل، حيث يمكن للمخاوف طويلة الأجل بشأن التوسع المالي والتوترات الاقتصادية العالمية إلى عكس هذا الاتجاه، مما يسمح لليورو باستعادة بعض قوته لاحقاً خلال الدورة الانتخابية.
سوق الأسهم
من المتوقع أن يكون للولاية الثانية لترامب تأثيرات كبيرة على عدة قطاعات.
مثلاً في قطاع الطاقة، من المرجح أن تركز إدارته على زيادة إنتاج النفط والغاز المحلي، مما يفيد شركات مثل “إكسون موبيل”، و”شيفرون”، و”بيكر هيوز”.
ومع ذلك، في حين قد يعزز ذلك ارتفاع الأسعار على المدى القصير، فإن زيادة الإنتاج قد تؤدي في النهاية إلى خفض أسعار النفط الخام، الأمر الذي قد يحد من المكاسب طويلة الأجل لأسهم الطاقة.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تستفيد أسهم الدفاع نتيجة لسياسات الإنفاق الواعدة.
وفي القطاع المالي، قد تؤدي تدابير تخفيف القيود التنظيمية إلى تحسين أرباح البنوك مثل “جيه بي مورجان تشيس” “وبنك أمريكا”.
قد يواجه قطاع التكنولوجيا نتائج مختلطة. في حين أن التوترات التجارية المحتملة مع الصين يمكن أن تؤثر سلبًا على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن إلغاء القيود التنظيمية وتخفيض الضرائب على الشركات يمكن أن يفيد الشركات ذات العمليات المحلية القوية.
وفي صناعة السيارات، من المرجح أن تحقق الشركات التي تتمتع بحضور قوي في السوق المحلية، مثل فورد وجنرال موتورز، أداءً جيدًا، بينما قد تشهد تسلا مكاسب بسبب دعم إيلون ماسك لحملة ترامب في سوق السيارات الكهربائية.
السلع
قد يكون لإعادة انتخاب ترامب تأثير إيجابي على الوقود التقليدي من خلال تخفيف القيود التنظيمية ودعم الإنتاج المحلي، مما قد يزيد العرض ويخفض الأسعار.
ويمكن لسياساته أيضًا أن تدفع الطلب على المعادن الصناعية وتؤثر على الصادرات الزراعية من خلال الاتفاقيات التجارية.