من المتوقع أن تشهد أسهم شركات صناعة الرقائق الإلكترونية تغييرات كبيرة مع عودة الرئيس ترامب إلى منصبه. من المحتمل أن تعيد سياساته تشكيل الصورة الكبرى لهذه الشركات مثل انفيديا وإيه إم دي وشركة تايوان لصناعة الرقائق الالكترونية وإنتل.
ومع فرض تعريفة جمركية متوقعة قريباً وتركيز الحكومة على التصنيع المحلي، فإن قدرة هذه الشركات على التكيف مع الظروف الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية ستحدد في النهاية أداءها في ظل الإدارة الجديدة.
الرسوم الجمركية على الرقائق المستوردة
كان الرئيس ترامب قد أشار إلى فرض رسوم جمركية على الرقائق المستوردة، خاصة من تايوان. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز التصنيع المحلي للرقائق في الولايات المتحدة، لكنها قد تؤثر بشكل كبير على الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الإنتاج المستورد.
تُعد شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية، أكبر شركة في العالم في هذا المجال. فقد انتقدت إدارة ترامب دور هذه الشركة في خلق توتر في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وطرحت فكرة فرض رسوم جمركية على الرقائق التايوانية.
تعتمد شركة انفيديا إلى حد كبير على شركة تايوان لإنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وقد تؤدي الرسوم الجمركية إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما قد يؤثر على أرباح الشركة. شهدت أسهم انفيديا انخفاضاً كبيراً بسبب ردود فعل السوق على تهديدات ترامب بفرض الرسوم الجمركية، مما قد يؤدي إلى تقليص ثقة المستثمرين في نمو الشركة. ⁽¹⁾
وقد تتأثر شركة إيه إم دي أيضاً بزيادة التكاليف المرتبطة بالرسوم الجمركية على الرقائق المستوردة من تايوان، مما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار للمستهلكين وتقليص القدرة التنافسية في السوق. ⁽²⁾
قانون الرقائق الإلكترونية
يهدف قانون الرقائق الإلكترونية إلى تعزيز التصنيع المحلي للرقائق في الولايات المتحدة من خلال تقديم الإعانات والحوافز، لكنه يواجه حالة من عدم اليقين في ظل إدارة ترامب. حيث انتقد ترامب القانون بسبب تكلفته وطرح فكرة التراجع عنه، مفضلاً فرض الرسوم الجمركية بدلاً من ذلك لتعزيز الإنتاج المحلي. ⁽³⁾
قد تؤدي هذه التغييرات السياسية إلى منع الاستثمارات المستقبلية وتأثيرها على اللاعبين الرئيسيين مثل شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية، التي وعدت بتخصيص 6.6 مليار دولار بموجب القانون لإنشاء مصانع متطورة في ولاية أريزونا.
كانت شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية قد أعلنت عن استثماراتها في أريزونا في عام 2020، والآن تجاوزت التزاماتها 65 مليار دولار لإنشاء ثلاثة منشآت تصنيع.
وبعد مواجهة تأخيرات في الإنتاج، بدأ المصنع الأول في إنتاج الرقائق في الربع الأخير من عام 2024، في حين أن المنشأة الثانية قيد الإنشاء ومن المقرر أن تكون جاهزة بحلول عام 2028. وكان الهدف من قانون الرقائق الإلكترونية، الذي تم توقيعه في 2022، تقليل تأثير الصين وتعزيز سلسلة التوريد الأمريكية. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن يعيد مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون تقييم بعض بنوده.
على الرغم من معارضة ترامب للقانون، يعتقد الخبراء في الصناعة أن القانون سيظل قائماً بشكل عام بفضل الدعم الثنائي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن.
في الوقت نفسه، يواصل قطاع الرقائق الإلكترونية ازدهاره، حيث أعلنت شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية عن تحقيق أرباح قياسية في الربع الرابع من 2024 بفضل الطلب القوي على رقائق الذكاء الاصطناعي. وقد عزز هذا الأداء الإيجابي ثقة المستثمرين، مما دفع سعر سهم شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية للارتفاع بنحو 4% بعد تقرير الأرباح. ⁽⁴⁾
فرصة إنتل للتألق
على الرغم من المشاكل التي تواجهها انفيديا وإيه إم دي، قد تجد إنتل فرصًا جديدة بفضل سياسات ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية.
عانت شركة إنتل من تراجع في سوق وحدات المعالجة المركزية وفقدت حصتها لصالح إيه إم دي وواجهت ضعفًا في الطلب على وحدات معالجة الرسومات بسبب التحول نحو المسرعات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن رقائق “لونار ليك” و”آرو ليك” القادمة، المصنوعة باستخدام عملية شركة تايوان لصناعة الرقائق الإلكترونية المتقدمة بحجم 3 نانومتر، قد تساعد إنتل في التنافس بشكل أكثر فعالية مع إيه إم دي. ⁽⁵⁾
إن انتعاش سوق أجهزة الكمبيوتر وزيادة الإنفاق على وحدات المعالجة من مراكز البيانات قد يعزز إيرادات إنتل في عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تؤدي الرقائق الأخيرة من إنتل، مثل سييرا فوريست وغرانيت رابدس، التي تُصنع باستخدام عملية إنتل 3 بحجم 3 نانومتر، إلى تحسين أدائها أمام إيه إم دي. كما تشير التوقعات المالية القوية في الربع الرابع إلى أن هذه الاتجاهات الإيجابية قد تدخل حيز التنفيز قريبًا. ⁽⁶⁾
قد تستفيد إنتل من تركيز إدارة ترامب على تعزيز التصنيع المحلي في الولايات المتحدة، حيث تتمتع إنتل بعمليات تصنيع كبيرة داخل البلاد. قد تدفع الرسوم الجمركية المفروضة على الشركات المصنعة الأجنبية والحوافز المتعلقة بالإنتاج المحلي المزيد من الأعمال نحو إنتل، وخاصة في خدماتها في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية.
نظرًا لأهمية الرقائق الإلكترونية للأمن القومي، فإن دور إنتل باعتبارها الشركة الأمريكية الوحيدة التي تصمم وتصنع الرقائق الإلكترونية المتطورة في الولايات المتحدة قد يجعلها شريكًا مفضلًا للمشاريع الحكومية. إذا استمر ترامب في التركيز على الاستقلال العسكري والتكنولوجي، فقد تحصل إنتل على عقود مشاريع حكومية إضافية، مما يعزز موقعها. ⁽⁷⁾
أخبار السوق والآفاق المستقبلية
شهدت أسهم شركات الرقائق الإلكترونية يوم الاثنين تراجعًا كبيرًا، يرجع أساسًا إلى المخاوف من المنافسة من نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد في الصين، ديب سيك.
وقد تراجعت أسعار أسهم الشركات الكبرى مثل انفيديا وبرودكوم بنسبة تقريبًا 17%، مما أدى إلى تراجع القطاع بشكل عام. وفي اليوم التالي، بدأت أسهم شركات الرقائق الإلكترونية في التعافي بعد تحول المستثمرين إلى التركيز على التقارير المالية القادمة من شركات التكنولوجيا الكبرى.
كما أعلنت شركة إيه إس إم إل، وهي من أبرز موردي معدات الرقائق الإلكترونية، عن أرباح تجاوزت التوقعات في الربع الرابع، محققة إيرادات بلغت 9.06 مليار يورو، وهو أعلى من المتوقع. وأرجعت الشركة هذا النجاح إلى الطلب الكبير على رقائق الذكاء الاصطناعي، وتوقعت أن تمثل رقائق الذكاء الاصطناعي أكثر من 40% من سوق الرقائق الإلكترونية الذي قد يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2030.
لا تزال التوقعات لأسهم شركات الرقائق الإلكترونية إيجابية، مدعومة بالطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي، والحوسبة عالية الأداء، وتصنيع الرقائق المتقدم. كما تواصل الحوافز الحكومية مثل قانون الرقائق الإلكترونية دعم الإنتاج المحلي، على الرغم من أن التوترات الجيوسياسية ونماذج الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة قد تشكل بعض المخاطر. بشكل عام، قد يكون القطاع في طريقه للنمو على المدى الطويل، مع استمرار الابتكار وتبني الذكاء الاصطناعي كعوامل رئيسية للقطاع.