زيارة ترامب للخليج تعيد رسم خريطة العلاقات وتؤسس لتحالفات اقتصادية وتقنية ضخمة
قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بجولة في الشرق الأوسط شملت المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي. وقد نجحت الولايات المتحدة، عقب لقاءات مع قادة هذه الدول، في تعزيز العلاقات الثنائية وتوقيع صفقات استثمارية تجاوزت قيمتها ٢ تريليون دولار داخل الولايات المتحدة.
عكست الزيارة استعداد دول الخليج لتوثيق العلاقات مع الولايات المتحدة من خلال اتفاقيات في مجالات الدفاع والطيران والطاقة والذكاء الاصطناعي.
ورافق ترامب في جولته عدد من كبار الرؤساء التنفيذيين، مما شكّل بداية جديدة في علاقات الولايات المتحدة مع الخليج، وأبرز التحول الاستراتيجي للمنطقة نحو التكنولوجيا والتجارة.
تفاصيل الصفقات
الذكاء الاصطناعي في الصدارة
أصبحت السعودية والإمارات وقطر مراكز عالمية ناشئة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، حيث أطلقت هذه الدول مجمّعات سيادية للذكاء الاصطناعي، وأبرمت صفقات ضخمة لاستيراد الشرائح الإلكترونية وبناء بنى تحتية سيادية للسحابة الإلكترونية. وتقدمت شركات أمريكية كبرى مثل Nvidia وAmazon وAMD هذا المسار.
في السعودية، وافقت Nvidia على بيع ١٨,٠٠٠ شريحة من نوع Blackwell AI لشركة Humain المدعومة من المملكة، فيما أعلنت AMD عن صفقة حوسبة بالذكاء الاصطناعي بقيمة ١٠ مليارات دولار مع نفس الشركة. ⁽١⁾
أما الإمارات، فقد أبرمت صفقة لاستيراد ٥٠٠,٠٠٠ شريحة Nvidia H10 سنويًا، تعزيزًا لطموحاتها بأن تصبح مركزًا عالميًا في الذكاء الاصطناعي. وبدورها، خصصت قطر ١ مليار دولار لتقنيات الكم عبر شراكة مع شركة Quantinuum. كما وقّعت السعودية صفقة بقيمة ٢٠ مليار دولار مع Supermicro لتوريد معدات خوادم لصالح شركة Datavolt المدعومة سعوديًا. ⁽٢⁾
وأعلنت Amazon عن استثمار بقيمة ٥ مليارات دولار في منطقة ذكاء اصطناعي بالسعودية، إلى جانب تعاون مع مجلس الأمن السيبراني الإماراتي لإطلاق منصة سحابية سيادية. ⁽٣⁾
كما حضر كبار قادة التكنولوجيا، مثل جنسن هوانغ من Nvidia وسام ألتمان من OpenAI، إطلاق “حرم الذكاء الاصطناعي” في أبوظبي، في خطوة تمثّل تتويجًا لاهتمام ترامب بمجال الذكاء الاصطناعي. ومع استمرار دعم الولايات المتحدة، ترسّخ هذه الاتفاقيات موقع الخليج كفاعل محوري في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. ⁽٤⁾
الدفاع والطيران
وقّعت قطر صفقة بقيمة ٩٦ مليار دولار لشراء ٢١٠ طائرات من بوينغ، إضافة إلى ١٠ مليارات دولار لمرافق عسكرية أمريكية. كما التزمت الإمارات بصفقة بقيمة ١٤٫٥ مليار دولار لصالح الاتحاد للطيران لشراء طائرات بوينغ من طرازي ٧٨٧ و٧٧٧X، مدعومة بمحركات GE وخدمة دعم فني. ⁽٥⁾
ومن المقرر أن تنضم الطائرات إلى الأسطول بداية من عام ٢٠٢٨، ضمن استراتيجية الناقلات الخليجية لمضاعفة حجمها بحلول ٢٠٣٠.
وحصلت GE Aerospace على عقد من الخطوط الجوية القطرية لتوريد محركات GE9X وGEnx، وهي أكبر صفقة محركات طائرات عريضة البدن في تاريخ الشركة. ⁽٦⁾
وقد قطعت محركات GEnx أكثر من ٦٢ مليون ساعة طيران منذ إطلاقها، وهناك أكثر من ٣,٦٠٠ محرك قيد التشغيل والطلب حاليًا، بما يشمل الوحدات الاحتياطية. ⁽٧⁾
كما انضمت شركة Lockheed Martin إلى صفقة الأسلحة السعودية، لتوفير أنظمة دفاع صاروخي وجوي إلى جانب Raytheon وNorthrop Grumman، دون إعلان تفاصيل دقيقة. ⁽٨⁾
توسع في صفقات الطاقة
تشمل مشاريع الطاقة الخليجية محطات للغاز الطبيعي المسال في قطر، وتوسعة مشاريع النفط والغاز في الإمارات، واستثمارات في الطاقة النظيفة مثل النووية والمعادن الحرجة.
ووقعت Exxon Mobil اتفاقية توسعة نفط وغاز بقيمة ٦٠ مليار دولار مع دول الخليج. ⁽٩⁾
نظرة إلى المستقبل
تفي تباين واضح مع توترات عهد بايدن، ُظهر علاقات ترامب الدافئة مع قادة الخليج تحولًا استراتيجيًا عميقًا في علاقات الولايات المتحدة مع الخليج خلال العقد الماضي. كما أبرزت الزيارة تطلعات الخليج الطويلة الأمد نحو الريادة الاقتصادية والتكنولوجية.
ورغم أن الأثر بعيد المدى لتلك الصفقات لا يزال غير واضح، إلا أن زيارة ترامب ثبتت دور الخليج كشريك أمريكي حيوي في عالم يتجه نحو التنافس الاقتصادي والتقني، وعززت من الروابط بين واشنطن والعواصم الخليجية.