شهد زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني تقلبات كبيرة منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض. الآن، يتأثر زوج العملات بين تصريحات بنك اليابان المتشددة، والبيانات الاقتصادية القوية من اليابان، بالإضافة إلى تصريحات بنك الاحتياطي الفيدرالي المتشددة، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب.
يؤثر كل من بنك اليابان وترامب على حركة زوج العملات، ومن المرجح أن يكون لهما تأثير أكبر على زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني في المدى القصير، حيث أن التطورات من كلا الجانبين مستمرة.
مقارنة بين البنوك المركزية: بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان
لا تزال تُعتبر السياسة النقدية لكلا البنكين المركزيين القوة الرئيسية التي تقود تقلبات أسعار زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني.
- بنك الاحتياطي الفيدرالي
خلال اجتماعهم الأخير في يناير، أبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عند 4.5%، حيث أعرب الرئيس باول، عن ثقته في أداء الاقتصاد الأمريكي رغم التضخم البطيء والنمو الثابت.
يشير هذا التوقف إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح حذرًا بشأن نهجه في التعامل مع أسعار الفائدة. كما أعرب مسؤولو البنك عن قلقهم من أن التعريفات الجمركية التي فرضها لرئيس ترامب قد تؤدي إلى زيادة التضخم مرة أخرى، مما قد يعقد السياسة النقدية للفيدرالي في المستقبل. ⁽¹⁾
وقد أظهر محضر اجتماع بنك الفيدرالي في يناير أنه في حين قد ترفع التعريفات من نسبة التضخم، فإن المسؤولين لاحظوا أن الاستجابة النقدية المناسبة ستعتمد على ما إذا كانت هذه الزيادة في الأسعار مؤقتة أم تشير إلى اتجاهات تضخمية أكثر ثباتاً. ⁽²⁾
كما أظهرت مؤشرات “سي إم إي فد ووتش” أن المتداولين والمستثمرين يعطون احتمالًا بنسبة 93% لتثبيت أسعار الفائدة في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي المقبل في 19 مارس. ⁽³⁾
- بنك اليابان
يغير بنك اليابان تدريجياً سياسته التيسيرية النقدية طويلة الأمد، حيث رفع أسعار الفائدة إلى 0.5% في اجتماعهم الأخير في يناير بسبب ارتفاع التضخم الذي بلغ 4%. كما تشير البيانات الاقتصادية اليابانية أيضاً إلى إشارات إيجابية قد تدعم رفع أسعار الفائدة في اجتماعهم المقبل.
ومع ذلك، لا يزال بنك اليابان حذرًا بسبب عدم اليقين الاقتصادي العالمي، بما في ذلك التأثيرات المحتملة لسياسات التعريفات الجمركية الأمريكية وعوامل خارجية أخرى. وأكد محافظ البنك، كازو أويدا، على ضرورة مراقبة هذه الشكوك بعناية عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية. ⁽⁴⁾
- البيانات الاقتصادية: ضعف الدولار الأمريكي وتماسك الين الياباني
انخفض الدولار الأمريكي بسبب الشكوك الاقتصادية التي تسببت فيها التعريفات الجمركية. حيث بدأ تطبيق التعريفات بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، و20% على الواردات من الصين، مما أثار ردود فعل من الدول المتأثرة.
كما تساهم البيانات الاقتصادية الأمريكية المختلطة في زيادة التوترات. فقد أظهرت التقارير الأخيرة أن التضخم ارتفع إلى 3% على أساس سنوي، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع بنسبة 2.3%، مما يدل على الطلب القوي من المستهلكين والنمو الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9% شهريًا، مما أظهر ضعفًا في قطاع التجزئة إلى جانب ارتفاع مطالبات البطالة.
كما جاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات مختلطة. حيث أشار مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى ضعف في القطاع، حيث سجل 50.3، وهو أقل من المتوقع. بينما أظهر مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات بعض التحسن، حيث سجل 53.5، وهو أفضل من المتوقع. كما خيبت بيانات التوظيف الآمال، حيث كانت الزيادة في الوظائف 77,000، وهي أقل بكثير من المتوقع، مما أضاف الضغط على الدولار الأمريكي. ⁽⁵⁾
أما البيانات الاقتصادية اليابانية الأخيرة فقد دعمت الين. حيث نما الاقتصاد الياباني في الربع الرابع من عام 2024 بمعدل نمو سنوي بلغ 2.8%، مما يدل على نمو قوي. كما بلغ التضخم الأساسي للمستهلكين 3.2% في يناير 2025، متجاوزًا هدف بنك اليابان البالغ 2%. كما شهد قطاع الخدمات تحسنًا كبيرًا، حيث ارتفع إلى 53.7 في فبراير، مسجلًا أسرع نمو في ستة أشهر. ⁽⁶⁾
الآن ينتظر المتداولون بيانات سوق العمل لشهر فبراير، المقرر إصدارها في 7 مارس. ومن المتوقع أن يرتفع تقرير الوظائف غير الزراعية بمقدار 160,000 وظيفة، بينما يُتوقع أن يبقى معدل البطالة ثابتًا عند 4%. ⁽⁷⁾
- التوترات الجيوسياسية
لا تزال التوترات الجيوسياسية عاملًا رئيسيًا، حيث قد تؤثر التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب مؤخرًا بنسبة 25% على كندا والمكسيك و20% على الصين، على الاقتصاد العالمي. قد تؤدي التعريفات المرتفعة إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة، مما قد يرفع من أسعار الفائدة ويدعم الدولار الأمريكي. ومع ذلك، قد تضر هذه التعريفات بالاقتصاد الأمريكي والتجارة العالمية، الأمر الذي قد يدعم الين الياباني كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين. ⁽⁸⁾
بالنسبة لليابان، قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى إضعاف الين من خلال تقليل الطلب على الصادرات، على الرغم من أن المحادثات الأخيرة بين الولايات المتحدة واليابان حول الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة والتكنولوجيا قد تساعد في تقليل بعض الضغوط ( المصدر رويترز). كما قد تبرز جاذبية الين كملاذ آمن إذا تصاعدت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يزيد من تقلبات زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني. ⁽⁹⁾