أظهرت البيانات الأولية لمؤشر مديري المشتريات انكمشاً في اقتصاد منطقة اليورو في أبريل، مع تراجع ثقة الأعمال إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عامين.
كان قطاع الخدمات هو مصدر الضعف الرئيسي، بينما تجاوز القطاع الصناعي التوقعات لكنه بقي في منطقة الانكماش نتيجة الرسوم الجمركية. ومع تراجع التوقعات المستقبلية في كلا القطاعين، تشير البيانات إلى مخاطر شاملة على النمو في الأشهر القادمة. ⁽¹⁾
استقرار نشاط الأعمال في منطقة اليورو
يقف اقتصاد منطقة اليورو على حافة الركود، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات المركب 50.1 في أبريل 2025، مما يشير إلى نمو طفيف جداً في النشاط التجاري.
يمثل ذلك انخفاضاً من قراءة مارس البالغة 50.9، وهو أضعف أداء خلال أربعة أشهر. ووفقاً لنموذج إحصائي، يعكس هذا المستوى من مؤشر مديري المشتريات نمواً فصلياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% فقط، أبطأ من متوسط الربع الأول.
تمثل هذه البيانات، التي تستند إلى ما يقارب 85% من الاستجابات المعتادة، بيئة اقتصادية هشة مع وجود مخاطر سلبية ناجمة عن ضعف الطلب وعدم اليقين في التجارة العالمية. ⁽²⁾
تراجع قطاع الخدمات يطغى على مكاسب قطاع الصناعة
أظهر قطاع الخدمات انكماشاً في أبريل، مُنهياً فترة توسع دامت أربعة أشهر، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 49.7 نقطة.
أما قطاع الصناعة فقد شهد انكماشاً أيضاً، إلا أنه ارتفع قليلاً من 48.6 في مارس إلى 48.7 في أبريل – وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2022 – ويعود السبب جزئياً إلى تسريع المصنعين لعمليات الشحن قبل تطبيق الرسوم الأمريكية، والتي تشمل نسبة 10% على الصادرات من منطقة اليورو و25% على السيارات، بعد تخفيض مؤقت من النسبة المقترحة والتي قدرها 20%. ⁽³⁾
على الرغم من ارتفاع إنتاج قطاع التصنيع، تراجعت الطلبيات الجديدة، مما أدى إلى انخفاض الأعمال المتراكمة بأسرع وتيرة خلال ثلاثة أشهر، بسبب ضعف الطلب نتيجة التوترات التجارية.

رسم بياني لمؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع على مدار عام واحد. المصدر: ترايدنج إيكونومكس

مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات للإطار الزمني السنوي. المصدر: ترايدنج إيكونومكس
تراجع ثقة الأعمال
تراجعت ثقة الأعمال في منطقة اليورو إلى –0.73. أما في قطاع الخدمات، فقد هبطت الثقة إلى 2.4، وهو أدنى مستوى لها منذ أزمة الديون عام 2012.
كما تراجعت ثقة قطاع الصناعة أيضاً إلى –10.6، متجاوزة أدنى مستويات عام 2019 خلال موجة الرسوم الأولى من إدارة ترامب. ⁽⁴⁾
أداء إقليمي متباين
شهدت ألمانيا، تراجع النشاط الاقتصادي لأول مرة منذ أربعة أشهر خلال أبريل بعد أن بلغ النمو ذروته في مارس.
وعلى الرغم من توسّع الإنتاج الصناعي للشهر الثاني على التوالي، إلا أن قطاع الخدمات شهد انكماشاً للمرة الأولى منذ نوفمبر 2024، وبأسرع وتيرة منذ فبراير من العام الماضي.
كما تراجعت التوقعات المستقبلية في كلا القطاعين، لتسجل أسوأ قراءة منذ أكثر من عام ونصف. إلّا أن زيادة الإنفاق الحكومي، خصوصاً في مجال الدفاع، عزّزت الآمال ورفعت التوقعات الإيجابية. ⁽⁵⁾
أما في فرنسا، فقد استمر الانكماش وتسارعت وتيرته في أبريل، بسبب تراجع أسرع في قطاع الخدمات، بينما تراجعت التوقعات المستقبلية إلى أدنى مستوياتها منذ بداية جائحة كورونا عام 2020.
ومع ذلك، عاد الإنتاج الصناعي إلى النمو في فرنسا للمرة الأولى منذ مايو 2022، مع تحسن التوقعات إلى أعلى مستوى في 11 شهراً، ما يمنح بصيص أمل ثاني لدى أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، رغم استمرار حالة عدم اليقين السياسي محلياً وعالمياً. ⁽⁶⁾
وبالتالي، فإن بقية دول منطقة اليورو كانت المصدر الرئيسي للدعم الاقتصادي، رغم أن وتيرة التوسع تباطأت قليلاً عن شهر مارس، مع انخفاض التوقعات المستقبلية إلى أدنى مستوى لها منذ نوفمبر 2022.
البنك المركزي الأوروبي يستعد لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة
على صعيد إيجابي، تراجعت الضغوط التضخمية في أبريل 2025، حيث انخفض مؤشر أسعار البيع الرئيسي لمؤشر مديري المشتريات إلى مستوى يتماشى مع هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.
تباطأ التضخم في قطاع الخدمات إلى ثاني أدنى مستوياته خلال أربع سنوات، بينما أفاد المصنعون عن انخفاض في تكاليف مستلزمات الإنتاج، مما يشير إلى انخفاض الضغوط على التكاليف.
ويعكس مؤشر مركب يجمع بين بيانات مؤشر مديري المشتريات والانحرافات التضخمية بيئة مناسبة لخفض أسعار الفائدة، في ظل ضعف النمو، وانخفاض التضخم، وتباطؤ سوق العمل، حيث تراجع التوظيف بشكل طفيف في أبريل. ⁽⁷⁾
تشير هذه الاتجاهات إلى إمكانية اتخاذ البنك المركزي الأوروبي إجراءات تحفيزية إضافية، من خلال خفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو في ظل تباطؤ اقتصادي واضح. ويؤكد مزيج ركود الناتج، وتراجع الثقة، وتباطؤ التضخم، على الحاجة إلى تدابير داعمة لمواجهة مخاطر التراجع. ⁽⁸⁾
تراجع اليورو بعد بيانات ضعيفة من مؤشر مديري المشتريات
واصل اليورو تراجعه بعد صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات التي أظهرت انكماشاً في أبريل، حيث هبط زوج اليورو/الدولار الأمريكي بنسبة 0.35%.
في المقابل، ارتفعت الأسهم الأوروبية خلال صدور البيانات، حيث صعد مؤشر كاك 40 بنسبة 1.85%، وارتفع مؤشر داكس 30 بنسبة 1.5%، نتيجة التفاؤل بشأن احتمال خفض الفائدة من قبل المركزي الأوروبي وتقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ⁽⁹⁾