يوم الخميس الماضي، قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بينما استمر اقتصاد منطقة اليورو في الضعف مع الضغوط المستمرة للتضخم.
وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إلى أنه رغم الزيادة الأخيرة في التضخم، التي بلغت 2.4% في ديسمبر، فإن البنك المركزي واثق من أنه سيستقر حول هدفه البالغ 2% مع مرور الوقت. يظل النهج الذي يتبعه البنك المركزي الأوروبي معتمدًا على البيانات، مع توقعات بمزيد من تخفيضات الفائدة مع تطور الأوضاع الاقتصادية.
بيان البنك المركزي الأوروبي
حافظ البنك المركزي الأوروبي على موقف مقيد في السياسة النقدية وأشار إلى أنه قد يستمر في تخفيض أسعار الفائدة. من المتوقع خفض آخر في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهري مارس وأبريل، مما يشير إلى أن صناع السياسات يتحركون بحذر نحو تخفيف الشروط النقدية مع الحفاظ على حالة تأهب تجاه التطورات الاقتصادية. ⁽¹⁾
وأظهر البيان أن تباطؤ نمو الأجور وأرباح الشركات يساعدان في تقليل ضغوط التضخم، ولكن تم حذف الملاحظات حول تحسن الظروف المالية. يبقى البنك المركزي ملتزمًا بخفض التضخم إلى 2% وسيقيم التعديلات السياسية في كل اجتماع. ⁽²⁾
تصريحات لاغارد
كررت الرئيسة لاغارد أن توقيت وحجم التعديلات المستقبلية سيعتمد على البيانات الاقتصادية. وأضافت أن البنك المركزي الأوروبي قد يصل إلى معدل فائدة محايد يُتوقع أن يكون عند 2%.
ومع اقتراب أسعار الفائدة من هذا الحد، قد تزداد المناقشات داخل المجلس الحاكم بشأن توقف تخفيضات الفائدة. كما قللت لاغارد من أهمية الإرشادات المستقبلية، مشيرة إلى وجود حالة من عدم اليقين الكبير في التوقعات الاقتصادية. وتم اتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بالإجماع. ⁽³⁾
لم تحمل تصريحات لاغارد أي مفاجآت كبيرة، وظلت ردود فعل الأسواق المالية معتدلة. تم تسعير التخفيض المتوقع بمقدار 25 نقطة أساس في مارس بالكامل تقريبًا، في حين أن احتمال التخفيض الثاني في أبريل لا يزال متوقعًا جزئيًا في توقعات السوق. ⁽⁴⁾ يتابع المتداولون والمستثمرون عن كثب البيانات القادمة لتوقع تحركات البنك المركزي الأوروبي المستقبلية.
البيانات الاقتصادية
أظهرت المؤشرات الاقتصادية الأخيرة حالة من التباين بينما تكافح منطقة اليورو ضغوط التضخم والنمو الضعيف. أظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي الأخير أن اقتصاد منطقة اليورو لم ينمو في الربع الرابع من عام 2024، مما أدى إلى تفويت التوقعات الخاصة بالنمو الطفيف بنسبة 0.1%. وتعود أسباب هذا الركود إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في ألمانيا وتراجع النمو في فرنسا. ⁽⁵⁾

المصدر: ترايدينج ايكونومكس
يظهر الرسم البياني أعلاه أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو تحسن في عام 2024 ولكن لم يظهر نموًا في الربع الرابع.
لا يزال التضخم مصدر قلق رئيسي، حيث ارتفع التضخم العام للشهر الثالث على التوالي إلى 2.4% في ديسمبر، وذلك بسبب تأثيرات الأساس. من المتوقع أن يستقر التضخم الأساسي عند 2.7% على أساس سنوي في يناير 2025، مما يعكس ضغوط الأسعار المستمرة رغم تخفيضات أسعار الفائدة الأخيرة من البنك المركزي الأوروبي لتحفيز النشاط الاقتصادي. ⁽⁶⁾
ارتفعت نسبة البطالة في ألمانيا في يناير، مما يعكس الصراعات المستمرة في أكبر اقتصاد في أوروبا.
ومن المتوقع أن تواصل التخفيضات حيث يسعى صناع السياسات لمعالجة الظروف الاقتصادية الضعيفة بينما يواصلون إدارة توقعات التضخم. ستوفر بيانات التضخم السريعة لشهر يناير، المقرر نشرها في 3 فبراير، مزيدًا من الرؤى حول تطور الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو.
رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ
في نهاية الأسبوع، وقّع الرئيس ترامب على خطته المنتظرة منذ وقت طويل لفرض الرسوم الجمركية، حيث فرض رسوماً بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، ورسماً بنسبة 10% على الواردات من الصين. وفي مساء الأحد، صرح ترامب أيضًا بأن الرسوم على الاتحاد الأوروبي “ستحدث بالتأكيد”.
أعرب البنك المركزي الأوروبي عن قلقه بشأن الرسوم الجمركية المحتملة على واردات منطقة اليورو، والتي قد تؤثر بشكل كبير على اقتصاد المنطقة. يقدر علماء الاقتصاد أن الرسوم بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية من منطقة اليورو قد تقلل من معدل النمو بمقدار نصف نقطة مئوية خلال عام. ⁽⁷⁾
وأشار كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، إلى أنه رغم أن هذه الرسوم من المحتمل أن تضعف نمو الاقتصاد في منطقة اليورو، فإن تأثيرها على التضخم لا يزال غير مؤكد. يراقب البنك المركزي هذه التطورات عن كثب، ويؤكد أهمية الحفاظ على علاقات تجارية مفتوحة لدعم الاستقرار الاقتصادي. ⁽⁸⁾
الخلاصة
لا يزال البنك المركزي الأوروبي ملتزمًا بتخفيف السياسة النقدية في ظل الركود الاقتصادي والقلق من التضخم، مع احتمال إجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال الأشهر القادمة. ومع ذلك، فإن المخاطر الخارجية مثل الرسوم الجمركية المحتملة من الولايات المتحدة وموقف الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة لفترة أطول قد تشكل ضغوطًا إضافية على اليورو.