فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجميع يوم الأربعاء بإعلانه عن سياسات تعريفات جمركية جديدة، شملت تعليقًا مؤقتًا لبعض الرسوم ورفعًا حادًا لأخرى.
جاء هذا القرار بعد أيام من تراجع الأسواق وتصاعد القلق بشأن التجارة العالمية. وقد جلب هذا التغيير بعض الارتياح للمستثمرين، ما أدى إلى ارتفاع قوي في مؤشرات الأسهم الأمريكية.
تعليق مؤقت للتعريفات الجمركية
أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية على الواردات من معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة ستنخفض إلى 10% لمدة 90 يومًا. ويهدف هذا التعليق المؤقت إلى منح الولايات المتحدة وقتاً للتفاوض على اتفاقيات تجارية مع ما يقارب 90 دولة.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات فقط من فرض تعريفات انتقامية من قبل تلك الدول، والتي تراوحت ما بين 11% إلى 50%، وقد دخلت حيّز التنفيذ صباح الأربعاء، استجابةً لخطط ترامب السابقة بفرض رسوم جمركية شاملة على أكثر من 180 دولة. ⁽¹⁾
وفي المقابل، تبنّى ترامب موقفًا أكثر صرامة تجاه الصين، ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، حيث رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 145% فورًا.
وفي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، برّر القرار بعدم احترام الصين لقواعد الأسواق العالمية. وفي تصعيد متبادل، ردت الصين بزيادة رسومها على السلع الأمريكية إلى 84% في وقت سابق من اليوم نفسه. ⁽²⁾
وصرّح ترامب للصحفيين في البيت الأبيض إن سبب التوقف المؤقت هو أن “بعض الدول بدأت تتخطى حدودها” وأصبحت “قلقة بعض الشيء”، مضيفًا أن أكثر من 75 دولة قد تواصلت بالفعل مع إدارته للتفاوض منذ الإعلان عن خطة التعريفات الأسبوع الماضي. ⁽³⁾
انتعاش الأسواق المالية
تفاعلتالأسواق المالية بقوّة مع إعلان ترامب، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 9.5% بعد أربعة أيام من الخسائر. كما صعد مؤشر ناسداك بنسبة 12.16%، وقفز مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 7.82%، أي بمقدار 2,942.91 نقطة. ⁽⁴⁾
وكان المستثمرون قلقين من ركود اقتصادي محتمل بسبب خطة الرسوم الجمركية الأصلية، لكن التوقف المؤقت منحهم فرصة لإعادة شراء الأسهم المتراجعة. رغم أن التعليق قد يفتح بابًا للمفاوضات، إلا أن حالة عدم اليقين ما زالت قائمة.
ونتيجة لهذا الخبر، تراجعت مؤسسة غولدمان ساكس عن توقعاتها بحدوث ركود في عام 2025، وعادت إلى تقديراتها الأولية بالنمو. لكن كيفن غوردون من تشارلز شواب – شركة الخدمات المالية الأمريكية – حذّر من صعوبة اتخاذ قرارات استراتيجية في ظل تغير السياسات بشكل يومي، ما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد إذا استمر الحال على هذا النحو. ⁽⁵⁾
ردود فعل متباينة في واشنطن
لم يلقَ قرار ترامب ترحيبًا من الجميع؛ إذ انتقد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الاستراتيجية.
معتبرًا أن ترامب “يرتبك” تحت ضغط الانتقادات من الديمقراطيين والمواطنين القلقين من آثار التعريفات، واصفًا الأمر بأنه “حكومة فوضوية”. وأشار شومر إلى أن التغييرات المتكررة في توجهات مستشاري ترامب، والصراعات الداخلية، تكشف عن نقصٍ في معرفة أساسيات التجارة الدولية. ⁽⁶⁾
في المقابل، دافع فريق ترامب عن القرار، حيث قال وزير الخزنة سكوت بيسنت، على الرغم من نفي سابق لتعليق التعريفات، إن هذه الخطوة كانت دائمًا جزءًا من خطة ترامب. ⁽⁷⁾
ما القادم؟
رغم أن قرار ترامب بتعليق الرسوم الجمركية قد هدّأ الأسواق، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن أهدافه طويلة الأمد. فبينما تمتلك الولايات المتحدة الآن 90 يومًا للتفاوض، إلا أن التصعيد مع شريك تجاري رئيسي كالصين قد يعقّد المشهد أكثر.
يراقب المستثمرون عن كثب نتائج أرباح الربع الأول لبنوك كبرى مثل جي بي مورغان تشيس يوم الجمعة، حيث يُتوقع أن توفر هذه التقارير نظرة أوضح على التأثير الاقتصادي حتى الآن لسياسات ترامب التجارية والجمركية.