للمرة السادسة على التوالي، قرر البنك المركزي الصيني الإبقاء على أسعار الفائدة على القروض دون تعديل. حيث ظل سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام عند 3.1%، وسعر الفائدة الأساسي على القروض لمدة خمس سنوات عند 3.6%، بما يتوافق مع توقعات الأسواق.
يعكس هذا القرار نهجًا حذرًا من السلطات الصينية في ظل محاولاتها لتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي القوي، وتزايد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، واستقرار سعر صرف اليوان. ⁽¹⁾
النمو القوي يُخفّف من الحاجة المُلِحّة للتيسير النّقدي
شهد الاقتصاد الصيني نموًا بنسبة 5.4% خلال الربع الأول من العام، متجاوزًا التوقعات. كما أظهرت بيانات شهر مارس أداءً إيجابيًا، مع ارتفاع مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي عن المتوقع.
هذا الأداء الاقتصادي القوي في بداية العام قد قلل من الضغوط على البنك المركزي لتطبيق تيسير نقدي فوري، رغم أن الأسواق لا تزال تتوقع إجراءات تحفيزية إضافية خلال الأشهر المقبلة للحفاظ على استقرار النمو، خاصة في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة. ⁽²⁾
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، خفّضت البنوك الاستثمارية العالمية توقعاتها للنمو في الصين بسبب المخاوف من السياسة الجمركية الأمريكية. وردًا على الرسوم الأمريكية التي بلغت 245% على بعض الواردات الصينية، فرضت بكين رسومًا انتقامية بنسبة 125% على السلع الأمريكية.
ولم تنعكس هذه الإجراءات بالكامل بعد في بيانات التصدير، إذ سارعت المصانع إلى شحن البضائع قبل دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ. ⁽³⁾
استقرار العملة وردود فعل الأسواق
في ظل القلق المتصاعد من الحرب التجارية، ساهم قرار البنك المركزي في الصين بالإبقاء على أسعار الفائدة في دعم استقرار اليوان الصيني. وعقب هذا الإعلان، ارتفع سعر صرف اليوان في الخارج بنسبة 0.22% ليصل إلى 7.2846 مقابل الدولار، بينما ارتفع اليوان الداخلي بنسبة 0.20% ليبلغ 7.2848.
كما ارتفع مؤشر سي إس آي 300 لأسهم الصين الكبرى بنسبة 0.36%. ⁽⁴⁾
تأثير الضغوطات الانكماشية على التوقعات المستقبلية
رغم النمو القوي في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول، تستمر الضغوطات الانكماشية في التأثير على الاقتصاد. فقد تراجع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% على أساس سنوي في مارس، مسجّلاً بذلك انخفاضاً للشهر التاسع والعشرين على التوالي، بينما سجل مؤشر أسعار المنتجين هبوطًا حادًا بنسبة 2.5%، وهو الأسوأ منذ نوفمبر 2024. ⁽⁵⁾
من المتوقع أن تقدّم المؤشرات الاقتصادية القادمة مثل مؤشر مديري المشتريات لشهر أبريل (30 أبريل)، وبيانات الميزان التجاري (9 مايو)، وأرقام التضخم (10 مايو)، رؤى أوضح حول تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد الصيني، وتساعد في تحديد مسار السياسة النقدية للبنك المركزي الصيني. ⁽⁶⁾
يبدو أن البنك المركزي الصيني يركّز حاليًا على إيجاد توازن دقيق بين دعم النمو، والحفاظ على استقرار العملة، والتعامل مع التحديات التجارية العالمية، دون اللجوء إلى تغييرات فورية في أسعار الفائدة.