حذّر بنك إنجلترا من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد خلقت حالة من عدم اليقين للاقتصاد البريطاني، مما يعقّد قرارات البنك المستقبلية بشأن أسعار الفائدة.
وأشار محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، خلال حديثه أمام أعضاء البرلمان البريطاني، إلى أن الاضطرابات في التجارة العالمية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد، وبالتالي على قرارات البنك المركزي.
اضطرابات التجارة العالمية وتأثيراتها
تسببت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في حالة من الخوف بين الشركات البريطانية، حيث أوقفت العديد من الشركات استثماراتها بسبب القلق من الحواجز التجارية الجديدة. وقد تُضعف هذه التوقفات نمو الاقتصاد، نظرًا لأن الاستثمار يُعدّ من المحركات الأساسية للنشاط الاقتصادي.
وأكد بيلي أن التأثيرات الممتدة للتجارة الدولية قد تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي. ورغم أن المملكة المتحدة توصلت إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، إلا أن الرسوم المفروضة على دول أخرى لا تزال تمثل تهديدًا للاقتصاد البريطاني. ⁽١⁾
مسار حذر لخفض أسعار الفائدة
خلال جلسة الاستماع في البرلمان البريطاني، أوضح المحافظ بيلي أن الاتجاه العام لأسعار الفائدة في المملكة المتحدة لا يزال نحو الانخفاض، إلا أن مدى وسرعة هذا الخفض يظلان غير واضحين بسبب حالة عدم اليقين الناتجة عن الرسوم الجمركية. ⁽٢⁾
ورغم ذلك، لا يزال بيلي واثقًا من أن التضخم قد يقترب مجددًا من هدف البنك المركزي البالغ ٢٪، مما يدعم اتخاذ المزيد من قرارات خفض الفائدة. وكان بنك إنجلترا قد خفّض سعر الفائدة في الشهر الماضي إلى ٤٫٢٥٪، لكنه بدأ يسلك نهجًا أكثر حذرًا. ⁽٣⁾
توقعات التضخم
لا تزال آثار الرسوم الجمركية على الأسعار غير واضحة. وأشار بيلي إلى أن اضطرابات سلاسل التوريد قد تدفع الأسعار نحو الارتفاع. ⁽٤⁾
من جهتها، اعتبرت عضوة لجنة السياسة النقدية في البنك، سواتي دينغرا، أن ضعف الاستهلاك وتراجع سوق العمل يشكلان عوامل مشجعة للبنك. وكانت دينغرا قد صوتت لصالح خفض أكبر للفائدة في الشهر الماضي، مشيرة إلى أن على البنك المركزي التحرك بسرعة لدعم الاقتصاد. ⁽٥⁾
رؤيتان مختلفتان داخل لجنة السياسة النقدية
ظهرت سواتي دينغرا وكاثرين مان، العضوتان في لجنة السياسة النقدية، إلى جانب المحافظ بيلي، وشرحتا موقفيهما بشأن التصويت على أسعار الفائدة.
فقد أعربت دينغرا، وهي خبيرة في التجارة، والتي صوتت مرارًا لخفض الفائدة أكثر مما أقرته اللجنة، عن قلقها من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يضر بقدرة الاقتصاد على النمو مستقبلاً. وأشارت إلى أنها قد تدعم خفضًا بمقدار نصف نقطة مئوية في الاجتماعات القادمة. ⁽٦⁾
في المقابل، حذّرت كاثرين مان من ضرورة أن يبقى بنك إنجلترا متيقظًا تجاه التضخم. وقد صوتت مان لصالح تثبيت الفائدة في مايو، معتبرة أن حالة عدم اليقين تتطلب نهجًا “جريئًا وناشطًا وحازمًا” لضمان بقاء التضخم تحت السيطرة. ⁽٧⁾
أسواق متقلبة
أقرّ المحافظ بيلي بأن الأسواق المالية كانت شديدة التقلب في الأسابيع الأخيرة نتيجة التغيرات السريعة في السياسة التجارية الأمريكية. وقد شهدت الأسواق تحركات ملحوظة منذ آخر اجتماع للبنك.
كما عبّر عن قلقه من تراجع أسواق الأسهم، وارتفاع عوائد السندات الأمريكية، وتراجع الدولار الأمريكي، معتبرًا أن هذه العوامل ربما كانت من دوافع تغيير السياسات في البيت الأبيض.
التطلعات المستقبلية
لا يزال بنك إنجلترا ملتزمًا بخفض أسعار الفائدة، إلا أن التحديات الناجمة عن حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، خصوصًا نتيجة السياسات التجارية الأمريكية، قد تستمر في التأثير على نهج البنك الحذر في السياسة النقدية.
ومن المرجح أن تكون الأشهر القادمة حاسمة، حيث سيراقب بنك إنجلترا البيانات الاقتصادية وتطورات الأسواق المتقلبة لتحديد خطواته التالية بشأن أسعار الفائدة.