تم انتخاب فريدريش ميرتس مستشارًا لألمانيا في الجولة الثانية من التصويت البرلماني، عقب انتكاسة كبيرة في الجولة الأولى.
يمثل هذا لحظة فارقة في السياسة الألمانية، حيث تمكن ميرتس من تأمين الدعم اللازم لقيادة حكومة ائتلافية مكوّنة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وتحالفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، والحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) من يسار الوسط.
جاءت هذه الانتخابات في وقت تواجه فيه ألمانيا ضغوطًا اقتصادية ناجمة عن الركود، والانقسامات الداخلية، والتوترات الجيوسياسية.
التعافي من انتكاسة التصويت
فشل فريدريش ميرتس في الحصول على الأغلبية المطلوبة (٣١٦ صوتًا) من أصل ٦٣٠ في البرلمان الألماني (البوندستاغ) خلال الجولة الأولى، حيث حصل فقط على ٣١٠ أصوات، وهو ما اعتُبر انتكاسة كبيرة.
أثار هذا الفشل تساؤلات حول إمكانية إجراء جولة ثانية وما إذا كان ميرتس سيحصل على الدعم الكافي. ⁽١⁾
في الجولة الثانية، حصل ميرتس على ٣٢٥ صوتًا، وهو ما مكّنه من الفوز بمنصب المستشار بعد تعيينه رسميًا من قبل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
تشكيل الائتلاف وأولويات السياسات
فاز تحالف CDU-CSU بأكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات الفيدرالية في فبراير، مما جعله الأوفر حظًا لتولي ميرتس منصب المستشار.
وقد وقّع التحالف اتفاقًا هذا الأسبوع بعد مفاوضات مطوّلة، وشمل الاتفاق أولويات تتعلق بالهجرة، وإصلاحات ضريبية، وأمن اجتماعي، إضافة إلى حزمة مالية بقيمة ٥٠٠ مليار يورو للاستثمار في الدفاع والبنية التحتية والمناخ. ⁽٢⁾
كما تم الإعلان عن التعيينات الوزارية الأساسية، ومنها تعيين لارس كلينجبايل نائبًا للمستشار ووزيرًا للمالية، وكاثرينا رايش وزيرةً للاقتصاد، ويوهان فاديبول وزيرًا للخارجية.
ورغم الخبرات الواسعة والانسجام السياسي، إلا أن الحفاظ على التماسك داخل الائتلاف سيشكّل تحديًا بسبب التباينات الأيديولوجية بين اليمين واليسار في الأحزاب التي يتكون منها. ⁽٣⁾
التحديات الاقتصادية والسياسية
يعاني الاقتصاد الألماني من حالة ركود جزئي منذ عام ٢٠٢٣، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي تقلبًا بين النمو والانكماش كل ربع منذ ٢٠٢٤.
ركز ميرتس على تحقيق النمو الاقتصادي، حيث يُنظر إلى حزمة الاستثمار بقيمة ٥٠٠ مليار يورو كجزء محسوم من البرنامج، في حين أن إجراءات أخرى مثل تخفيض الضرائب على الشركات وتسريع خصومات الاستثمار تواجه الغموض بسبب خلافات محتملة على الميزانية. ⁽٤⁾
كما توقعت وزارة الاقتصاد الألمانية استمرار الركود، بعد انخفاض الناتج المحلي في السنتين السابقتين. وقد خفّضت الحكومة توقعاتها للنمو في عام ٢٠٢٥ من ١٫١٪ إلى ٠٫٣٪ فقط. ⁽٥⁾
وأشار وزير الاقتصاد روبرت هابيك إلى أن هذا التباطؤ يرجع إلى عدم اليقين الناتج عن حرب التعريفات الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إضافة إلى ضعف الطلب العالمي على الصادرات الألمانية وتراجع القدرة التنافسية.
كما شكّلت نتائج التصويت في الجولة الأولى مصدر قلق بشأن استقرار الائتلاف، حيث عبّر بعض أعضاء حزبي CDU وSPD عن استيائهم من القيادة. وقال أوتو فريكه، العضو السابق في البرلمان إن الثقة داخل البرلمان والحكومة ضرورية لإجراء إصلاحات تشريعية سريعة. ⁽٦⁾
التحديات الجيوسياسية
يواجه ميرتس تحديات خارجية متعددة، تشمل النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة والحرب في أوكرانيا، إضافةً إلى نقاشات حول زيادة الإنفاق الدفاعي.
وكان ترامب قد أعلن عن تعريفات جمركية جديدة شاملة بنسبة ١٠٪ على جميع الدول، و٢٥٪ على السيارات والصلب والألمنيوم، و١٤٥٪ على واردات الصين.
وقد ردّت الصين بتعريفات بلغت ١٢٥٪، ما زاد من التوترات وأدى إلى انخفاض حاد في التجارة بين الولايات المتحدة وشركائها.
رغم ذلك، هدّأ ترامب الأسواق بعد موافقته على تعليق التعريفات لمدة ٩٠ يومًا لجميع الدول ما عدا الصين.
من المتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى انخفاض الأسعار في الأسواق الأوروبية، في حين قد ترتفع الأسعار في السوق الأمريكية. ⁽٧⁾
وأشارت ميغان غرين، عضوة لجنة السياسة النقدية، إلى أن هذه التعريفات من المرجح أن تُقلل من التضخم في بريطانيا وأوروبا، بعكس تأثيرها في الولايات المتحدة. ⁽٨⁾
التوقعات المستقبلية
من المتوقع أن تُعلن الحكومة البريطانية عن خفض تدريجي للفائدة، بدءًا من شهر يونيو، ليكون هذا أول خفض متتالٍ منذ عام ٢٠٠٩.
تشير التوقعات إلى أن أسعار الفائدة قد تنخفض إلى ٣٫٥٪ بنهاية العام، مع ثلاث تخفيضات إضافية بمقدار ٢٥ نقطة أساس.
سيراقب المستثمرون التصريحات الصادرة عن البنك المركزي البريطاني لتقييم تداعيات التعريفات الأمريكية وخيارات السياسة النقدية البريطانية.