حقق الدولار الأمريكي مكاسب كبيرة بعد أن أثارت التعريفات الجمركية الأخيرة التي فرضها الرئيس ترامب صدمات في الأسواق العالمية، مما أدى إلى زيادة الطلب على أصول الملاذ الآمن.
ومع ذلك، ردت الصين على ترامب يوم الثلاثاء، معلنة فرض عدة رسوم جمركية على واردات أمريكية محددة.
ومع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، من المتوقع أن يلعب المشهد الجيوسياسي دورًا حاسمًا في تشكيل اتجاه الدولار. يراقب المستثمرون عن كثب كيفية تأثير هذه الحرب التجارية المتطورة على العملات الرئيسية والاتجاهات الاقتصادية العامة.
آخر التطورات
فرض الرئيس ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى تعريفات بنسبة 10% على البضائع الصينية، و10% على صادرات الطاقة الكندية. وقد وصفته الإدارة بأنه تدبير اقتصادي لحماية الاقتصاد الأمريكي في مواجهة مخاوف الهجرة غير الشرعية، مما أدى إلى تصاعد التوترات التجارية. ⁽¹⁾
وردّاً على ذلك، اتخذت كندا والمكسيك تدابير دبلوماسية لتأجيل تطبيق التعريفات. حيث حصلت كندا على مهلة لمدة 30 يومًا بعد تعهدها بتحسين الأمن الحدودي، بينما وافقت المكسيك على نشر قوات إضافية على الحدود الأمريكية المكسيكية لمكافحة تهريب المخدرات.
أما الصين فقد ردت بإجراء مضاد مباشر، حيث فرضت تعريفات جمركية بنسبة 15% على الفحم الأمريكي والغاز الطبيعي المسال، إلى جانب 10% على النفط الخام، والمركبات الكبيرة، والآلات الزراعية. وأضافت هذه الخطوة مزيدًا من التعقيد على العلاقة الاقتصادية المتوترة بالفعل بين البلدين.⁽²⁾
بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مخاوف بشأن تأثير هذه التعريفات على الصناعات المحلية، حيث طلبت السلطات الأسترالية مساعدات حكومية لحماية وظائف التصنيع المحلية التي قد تتأثر بسبب المشهد التجاري المتغير. ⁽³⁾
ردود أفعال الأسواق؟
ارتفع الدولار الأمريكي يوم الاثنين مع إعلان التعريفات الجمركية الجديدة على المكسيك وكندا والصين، مما عزز المخاوف من حرب تجارية طويلة الأمد.
وانخفض الدولار الكندي والبيزو المكسيكي إلى أدنى مستوياته في عدة سنوات، مما يعكس حالة من عدم اليقين بين المستثمرين. كما انخفض اليوان الصيني في أسواق الصرف الخارجية إلى أدنى مستوى تاريخي، مما يعكس القلق من تعطل التجارة. كما انخفض كل من اليورو والفرنك السويسري أمام الدولار، مما يدل على تدفق الأموال نحو الأصول الآمنة. ⁽⁴⁾
فيما يخص السلع، سجل الذهب والفضة مستويات مرتفعة قياسية، ولكن تم تقليص هذه المكاسب جزئيًا بعد تعليق التعريفات على المكسيك وكندا، مما ساعد في تحسن معنويات الأسواق نحو الأصول عالية المخاطر. ⁽⁵⁾
التضخم وبنك الاحتياطي الفيدرالي
أحد الجوانب الأكثر أهمية في هذه الحرب التجارية هو تأثيرها المحتمل على التضخم في الولايات المتحدة. فزيادة الرسوم قد ترفع من تكلفة السلع المستوردة، مما قد يؤدي إلى زيادة التضخم ويؤثر على سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي النقدية.
تشير التوقعات الحديثة للسوق إلى أن المتداولين يتوقعون تخفيضات أقل لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، حيث يمكن أن تدعم الضغوطات التضخمية فكرة إبقاء أسعار الفائدة ثابتة. وهذا بدوره قدم دعمًا إضافيًا للدولار الأمريكي. ⁽⁶⁾
ومع ذلك، إذا بدأت المؤشرات الاقتصادية في إظهار علامات تدهور، فقد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة تقييم سياسته، وربما يقدم تخفيضات في أسعار الفائدة لتحفيز النمو، وهو ما قد يحد من قوة الدولار.
بانتظار البيانات الاقتصادية القادمة
يواصل الاقتصاد الأمريكي في إظهار قوته، حيث أظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة نموًا بنسبة 2.3%. وعلى الرغم من أنها أقل من المتوقع، إلا أن البيانات أظهرت نموًا اقتصاديًا قويًا. كما أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الصناعي تحسنًا أيضًا.
سيركز المتداولون والمستثمرون على البيانات القادمة هذا الأسبوع، بما في ذلك تقرير تغيير معدل التوظيف ومؤشر مديري المشتريات للخدمات الذي سيصدر يوم الأربعاء. كما ستصدر يوم الجمعة بيانات الوظائف غير الزراعية ومعدل البطالة في الولايات المتحدة. ⁽⁷⁾
ستوفر البيانات القادمة أدلة حول كيفية تحديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحركاته التالية بشأن أسعار الفائدة، مما سيؤثر بشكل كبير على الأسواق المالية، خصوصًا أزواج الدولار الأمريكي، الذهب، والأسهم.
توقعات بشأن الدولار الأمريكي
استفاد الدولار الأمريكي من هذه التوترات التجارية، مما يعكس دوره كعملة ملاذ آمن خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي. إذا استمرت الظروف الاقتصادية في التحسن مع إبقاء الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة ثابتة، فمن المحتمل أن يظل الدولار الأمريكي قويًا.
ومع ذلك، قد تكون مكاسب الدولار محدودة إذا أدت المفاوضات مع المكسيك وكندا إلى تأجيل التعريفات الجمركية.
ينبغي على المتداولين متابعة أي مناقشات بين الرئيس ترامب ونظرائه في المكسيك وكندا، بالإضافة إلى أي قرارات سياسية مفاجئة لتقييم تأثيرها على مسار الدولار الأمريكي.