ارتفع الذهب من أدنى مستوياته في شهر، مواصلاً الصعود بدعم من تزايد الطلب على الملاذات الآمنة نتيجة تصاعد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات المالية للولايات المتحدة، والتوترات الجيوسياسية، وسياسات البنوك المركزية التيسيرية.
تخفيض تصنيف موديز
كان تخفيض وكالة موديز لتصنيف الولايات المتحدة المحفز الرئيسي لصعود الذهب، حيث خفضت التصنيف الائتماني من Aaa إلى Aa1، مشيرة إلى نقاط ضعف مالية ومخاوف تتعلق بالاستدامة المالية.
كما تفاعل المتداولون والمستثمرون مع موافقة لجنة القواعد في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون ضريبي وإنفاقي قد يضيف بين ٣ تريليونات و٥ تريليونات دولار إلى العجز الفيدرالي. ⁽١⁾
كما شهدت وزارة الخزانة الأمريكية طلبًا ضعيفًا على إصدار سندات مدتها ٢٠ عامًا بقيمة ١٦ مليار دولار يوم الأربعاء، مما أدى إلى ضغوط على الدولار الأمريكي وكذلك الأسهم الأمريكية، وسط مخاوف مسبقة من خفض موديز لتصنيف الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. هذا العامل عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن، مدفوعًا بضعف الدولار. ⁽٢⁾
خفض الفائدة مستمر من البنوك المركزية العالمية
تواصل البنوك المركزية العالمية خفض أسعار الفائدة في ظل استمرار التوترات التجارية التي تؤثر على الاقتصادات الكبرى. وعادةً ما يؤدي خفض الفائدة إلى ارتفاع الذهب كونه يستفيد في فترات التيسير النقدي.
خفض بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) سعر الفائدة بمقدار ٢٥ نقطة أساس إلى ٣٫٨٥٪، نتيجة مسار انخفاض التضخم في أستراليا، والمواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقد تؤثر التوترات التجارية على الاقتصاد الأسترالي نظرًا لعلاقته التجارية الوثيقة مع الصين، ما قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي صيني وانخفاض في الطلب على الصادرات الأسترالية إذا تصاعدت الأزمة. ⁽٣⁾
وقد أشار بنك أستراليا أيضًا إلى احتمال إجراء مزيد من الخفض في حال تصاعدت التوترات التجارية العالمية، كما خفّض بنك الشعب الصيني (PBoC) معدلات الإقراض الرئيسية بمقدار ١٠ نقاط أساس، في ظل قوة اليوان وتراجع التوترات التجارية، مما وفر مجالًا لتيسير السياسة النقدية بهدف دعم الاقتصاد. وتواصل الصين أيضًا شراء الذهب وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي لدعم سياساتها النقدية. ⁽٤⁾
بلغ إجمالي واردات الذهب ١٢٧٫٥ طنًا متريًا، أي بزيادة نسبتها ٧٣٪ مقارنة بالشهر السابق، بعد أن خصص بنك الشعب الصيني حصصًا جديدة لبعض البنوك التجارية في شهر أبريل. وسجلت أسعار الذهب ارتفاعًا بأكثر من ٢٠٪ منذ بداية العام، بعد أن بلغت ذروتها التاريخية عند ٣٬٥٠٠ دولار للأونصة في أبريل. ويُعزى هذا الارتفاع إلى المخاطر الجيوسياسية وعمليات الشراء من البنوك المركزية. ⁽٥⁾
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتبنى موقف الانتظار والمراقبة
أشارت تصريحات العديد من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا إلى أن البنك المركزي الأمريكي لن يخفض أسعار الفائدة في اجتماعيه القادمين خلال الصيف.
صرّح رئيس الفيدرالي في أتلانتا، بوستيك، إن البنك يحتاج إلى الانتظار على الأقل حتى ما بعد الصيف للنظر في خفض الفائدة، في حين أشار رئيس الفيدرالي في نيويورك، ويليامز، إلى أن خفض الفائدة لن يحدث خلال الصيف، بل سيُقيّم الاحتياطي البيانات الاقتصادية وتطورات السياسات من إدارة ترامب لاتخاذ القرار المناسب. ⁽٦⁾
وقد قام المتداولون بتسعير احتمال بنسبة ٩٤٪ لثبات الفائدة في يونيو، واحتمال بنسبة ٧١٪ لثباتها في يوليو، مع تسعير خفضين فقط في الفائدة خلال عام ٢٠٢٥. ⁽٧⁾
ورغم أن تثبيت الفائدة قد لا يكون إيجابيًا للذهب، إلا أن بيانات التضخم ومبيعات التجزئة الأمريكية الأخيرة أظهرت تباطؤًا اقتصاديًا، مما يعزز النظرة التيسيرية للأسواق، ويدعم الذهب على المدى الطويل مع تراجع الدولار بسبب البيانات الضعيفة.
التوترات الجيوسياسية
تواصل التوترات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط دعم الطلب على المعادن الثمينة. ويبحث المستثمرون عن ملاذ آمن من حالة عدم اليقين المالي ومخاطر السياسات وتصاعد الصراعات الدولية.
وقد انتقدت وزارة التجارة الصينية بشدة القيود الأمريكية على صادرات شرائح الذكاء الاصطناعي، واصفة إياها بالإكراه الاقتصادي. ويُنظر إلى هذا التصعيد على أنه تهديد لسلاسل التوريد العالمية التي تعاني بالفعل من الهشاشة. ⁽٨⁾