قامت وكالة التصنيف الائتماني موديز بتخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، مشيرة إلى تزايد المخاوف بشأن ارتفاع الدين العام الأمريكي، الذي بلغ الآن ٣٦ تريليون دولار.
يأتي هذا القرار في وقت يسعى فيه الجمهوريون ومجلس الشيوخ للموافقة على حزمة شاملة تتضمن تخفيضات ضريبية، وزيادة في الإنفاق، وتقليص في شبكات الأمان الاجتماعي، وهو ما قد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام الأمريكي.
هذا التخفيض يزيد من المخاوف المتنامية في وول ستريت بشأن سوق السندات الأمريكية، في ظل استمرار الجدل السياسي حول تخفيضات ضريبية غير ممولة، ما قد يؤثر على الاقتصاد الأمريكي وسوق الأسهم.
جرس إنذار من موديز
ما سبب التخفيض؟
أشارت موديز إلى أن العجز في الميزانية الفيدرالية مرشح للارتفاع ليصل إلى قرابة ٩٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام ٢٠٣٥. كما انتقدت الوكالة فشل الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تقليص العجز، نتيجة ارتفاع مدفوعات الفوائد، وتضخم نفقات الاستحقاقات، وضعف الإيرادات. ⁽١⁾
أعربت الوكالة عن قلقها بشأن استدامة السياسات المالية الأمريكية. وبهذا التخفيض، تصبح موديز ثالث وكالة كبرى تقوم بخفض التصنيف، بعد ستاندرد آند بورز في عام ٢٠١١، وفيتش في عام ٢٠٢٣. ⁽٢⁾
تحديات مالية وانتكاسة سياسية
بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وزيادة الاقتراض، تواجه الولايات المتحدة عجزًا في الميزانية يقدّر بحوالي ٢ تريليون دولار سنويًا، أي أكثر من ٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وحذّرت موديز من أن تمديد قانون تخفيضات الضرائب والوظائف لعام ٢٠١٧، كما هو متوقع، قد يضيف ٤ تريليونات دولار إلى العجز خلال العقد المقبل. ⁽٣⁾
وقد صوّتت لجنة الميزانية في مجلس النواب الأمريكي بفارق ضئيل على تمرير مشروع قانون ضريبي وهجري موسّع من إدارة ترامب، المعروف باسم “قانون مشروع واحد جميل وكبير”، بنتيجة ١٧ مقابل ١٦، بعد مفاوضات مع أربعة نواب جمهوريين متحفظين ماليًا كانوا قد عارضوا المشروع بسبب تأثيره المحتمل على العجز. ⁽٤⁾
تراجع الدولار الأمريكي رغم ارتفاع عوائد السندات
أثار التخفيض قلقًا في سوق السندات، مما دفع عوائد سندات الخزانة للارتفاع.
ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل ١٠ سنوات بمقدار ٣ نقاط أساس ليصل إلى ٤٫٥٠٪، فيما ارتفع العائد على السندات لأجل ٣٠ سنة إلى ٥٪، وهو المستوى الذي لامس ذروته في عام ٢٠٢٣ عند ٥٫١٨٪، وهو الأعلى منذ عام ٢٠٠٧. ⁽٥⁾
ارتفاع الفوائد مع زيادة عوائد السندات يشكل ضغطًا إضافيًا على السياسة المالية للحكومة. كما يؤدي إلى رفع تكاليف الاقتراض على الأفراد، ما يؤثر على الرهون العقارية وأنواع أخرى من القروض.
انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة ٠٫٦٣٪ ليصل إلى أدنى مستوى له في أسبوع عند ١٠٠٫٢٧٥، نتيجة التخفيض والمخاوف المتزايدة بشأن اتفاقيات التجارة.
وقد تراجعت ثقة المستثمرين بالأصول الأمريكية خلال هذا العام بسبب سياسات ترامب التجارية الحادة.
رد الإدارة الأمريكية
في مقابلة مع قناة NBC، انتقد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قرار موديز، واصفًا إياه بأنه “مؤشر متأخر”.
وأوضح أن أولويات إدارة ترامب تتمثل في توسيع الاقتصاد وخفض الإنفاق الفيدرالي. ⁽٦⁾
نظرة مستقبلية
يمثل تخفيض موديز تحديًا كبيرًا للسياسة المالية الأمريكية، في ظل استمرار ارتفاع العجز، وتضخم مستويات الدين، وتزايد تكاليف الفوائد.
ورغم أن الوكالات الكبرى لا تزال تصنف الولايات المتحدة ضمن ثاني أعلى درجة ائتمانية، إلا أن هذا التخفيض قد يزيد من المخاطر المرتبطة بالدين الأمريكي، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الأصول، خصوصًا الأسهم. ⁽٧⁾
ومع صعود عوائد السندات وتراجع الدولار، يواجه صانعو السياسات ضغوطًا متزايدة لمعالجة العجز المالي، وسط الانقسامات السياسية والمخاوف من مستقبل العلاقات التجارية العالمية.