خفّض البنك الوطني السويسري (SNB) أسعار الفائدة إلى ٠٪، في خطوة تهدف إلى كبح ارتفاع الفرنك السويسري الذي ساهم في تراجع الضغوط التضخمية. ويعكس هذا القرار التحديات التي تواجهها سويسرا نتيجة اضطرابات التجارة العالمية وحالة عدم اليقين الاقتصادي.
خلفية قرار خفض الفائدة
يأتي قرار البنك الوطني السويسري بخفض أسعار الفائدة إلى ٠٪ كمحاولة للتخفيف من قوة الفرنك السويسري، الذي تسبب في تراجع معدلات التضخم إلى ما دون الصفر للمرة الأولى منذ عام ٢٠٢١.
وقد ارتفع الفرنك السويسري بنسبة ٢٪ منذ بداية العام، بسبب تصاعد المخاوف من الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية، ما زاد من الطلب عليه كعملة ملاذ آمن. وأدى هذا الارتفاع في قيمة الفرنك إلى تراجع الصادرات وانخفاض أسعار المستهلكين. ⁽١⁾
وأشار البنك إلى أن الضغوط التضخمية تراجعت مقارنة بالربع السابق، وأنه سيواصل مراقبة الوضع عن كثب وتعديل سياسته النقدية عند الحاجة، لضمان بقاء التضخم ضمن النطاق المتوافق مع استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وقد خفّض البنك توقعاته لمعدل التضخم إلى ٠٫٢٪ لعام ٢٠٢٥، و٠٫٥٪ لعام ٢٠٢٦، و٠٫٧٪ لعام ٢٠٢٧. ⁽٢⁾
ورغم الأداء القوي في الربع الأول، من المرجح أن يتباطأ النمو خلال بقية العام بسبب ارتفاع قيمة الفرنك وضعف الطلب العالمي. ويتوقع أن يتراوح نمو الناتج المحلي الإجمالي بين ١٪ و١٫٥٪ في عامي ٢٠٢٥ و٢٠٢٦. كما يُتوقع أن يستمر معدل البطالة في الارتفاع بشكل طفيف. ⁽٣⁾
ويظل التوقع الاقتصادي في سويسرا محفوفًا بالغموض، فيما تبقى التطورات الخارجية التهديد الأكبر.
مخاوف التجارة العالمية وسياسات الولايات المتحدة
تدهورت النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي خلال الفصول القادمة بسبب تصاعد التوترات التجارية. وفي الوقت الذي لم يغيّر فيه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسته النقدية، واصلت منطقة اليورو التيسير النقدي.
ويتوقع البنك الوطني السويسري أن يتباطأ النمو العالمي خلال الفصول القادمة. كما يُرجح أن تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة إلى كبح التجارة العالمية وتقليص القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين. ⁽٤⁾
بالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى عدم اليقين المرتفع بشأن السياسات التجارية يُلقي بظلاله على زخم الاستثمارات العالمية. ومن المتوقع أن ترتفع معدلات التضخم في الولايات المتحدة خلال الفصول القادمة، في حين يُنتظر أن تنخفض الضغوط التضخمية في أوروبا أكثر. ⁽٥⁾
وقد أثرت الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد السويسري من خلال دعم الفرنك السويسري باعتباره عملة ملاذ آمن. ففي الربع الأول، سجل الفرنك أعلى مستوى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقد، مما دفع بمعدل التضخم إلى ما دون الصفر للمرة الأولى منذ أوائل عام ٢٠٢١. ⁽٦⁾
احتمال العودة إلى الفائدة السلبية
بخفضه الفائدة إلى ٠٪، لا يضع البنك الوطني السويسري نهاية لفترة تجاوزت عامين ونصف من الفائدة الإيجابية فحسب، بل يختبر أيضًا مستوى لم يسبق أن تبنّاه عندما اعتمد سياسة الفائدة السلبية. ⁽٧⁾
ويُمثل هذا التحدي للبنوك السويسرية، إذ يُلغي الدخل من الودائع ويضغط على هوامش القروض والرهون العقارية. وإذا استمرت قوة الفرنك، فقد يعيد البنك النظر في الفائدة السلبية، وهي السياسة التي اتبعها بين عامي ٢٠١٤ و٢٠٢٢. ⁽٨⁾
وقد صرّح رئيس البنك الوطني السويسري، مارتن شليغل، أن هذا الخيار لا يزال مطروحًا رغم كونه غير شعبي. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن الفائدة السلبية قد تعود في وقت مبكر من هذا العام.