في خطوة تُعد الأوسع نطاقًا منذ أزمة ٢٠٠٨، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن مقترح يهدف إلى تخفيف قيود الرافعة المالية المفروضة على أكبر البنوك في البلاد، ما يُمهّد الطريق أمام تحرّر رأس المال وتعزيز نشاط الأسواق المالية.
ويشمل المقترح تعديل نسبة الرافعة المالية التكميلية المعزّزة (SLR) التي تُلزم البنوك بالاحتفاظ بنسبة محددة من رأس المال عالي الجودة مقابل إجمالي الأصول، بما يشمل القروض والمشتقات والموجودات خارج الميزانية.
أكبر تعديل تنظيمي منذ الأزمة المالية
التغيير المُقترح يُعد الأكثر جوهرية منذ إدخال قوانين بازل ٣ بعد الانهيار المالي، ويمنح البنوك الكبرى، مثل “جي بي مورغان” و”سيتي غروب” و”غولدمان ساكس”، مرونة أكبر في استخدام رأس المال ودعم الأسواق خلال فترات عدم الاستقرار.
وفقًا لمسؤولي الفيدرالي، فإن التعديلات قد تُقلّص متطلبات رأس المال بمقدار ١٣ مليار دولار على مستوى الشركات القابضة، وما يصل إلى ٢١٠ مليارات دولار على مستوى الشركات الفرعية. ⁽١⁾
كما يشمل المقترح استبعاد سندات الخزانة الأمريكية من المقام في نسبة الرافعة المالية لجميع البنوك، وهي خطوة من شأنها دعم تداول السندات وتعزيز السيولة. وقد فُتح باب التعليقات العامة لمدة ٦٠ يومًا، على أن يصدر القرار النهائي في وقت لاحق من هذا العام. ⁽٢⁾
مبررات الفيدرالي: دعم السيولة وليس التقييد
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، صرّح أن التعديل يجعل من SLR أداة “دعم” بدلًا من أن تكون “مُقيّدة”، في ظل الزيادة الكبيرة في الأصول الآمنة التي تحتفظ بها البنوك لحماية محافظها. ⁽٣⁾ ⁽٤⁾
من جهتها، أيدت ميشيل بومان، نائبة رئيس الفيدرالي لشؤون الرقابة، التغييرات الجديدة، ووصفتها بأنها خطوة أولى لإصلاح “تشوّهات القواعد الرأسمالية” المفروضة بعد أزمة ٢٠٠٨. ⁽٦⁾
تحفظات داخلية ومخاوف من مرونة مفرطة
في المقابل، حذّر مايكل بار، عضو مجلس الفيدرالي المستقيل مؤخرًا، من أن هذه التعديلات قد تُضاعف احتمالات انهيار مصرفي جديد. وأضاف أن منح البنوك مرونة مفرطة قد يؤدي إلى تلاعبات في الأسواق المالية، وسط غياب رقابي كافٍ. ⁽٧⁾
الآثار المتوقعة على الأسواق
من المتوقع أن يؤدي تخفيف القيود الرأسمالية إلى زيادة شهية البنوك لشراء سندات الخزانة، خصوصًا في أوقات الضبابية الاقتصادية، ما يُعزز السيولة ويُساهم في استقرار العوائد.
كما يُتوقّع أن تدعم هذه الخطوة أسهم البنوك، من خلال تقليل متطلبات رأس المال وزيادة الأرباح، وهو ما قد يُحفّز بيئة “الإقبال على المخاطرة”. ويرى محللون أن ذلك قد يُمهّد أيضًا لتحفيزات نقدية مستقبلية تشمل خفض أسعار الفائدة وزيادة الإقراض والاستثمار. ⁽٨⁾
إلى جانب ذلك، يعمل الفيدرالي على إعداد حزمة إصلاحات إضافية تتعلق بمتطلبات رأس المال القائم على المخاطر، وذلك تماشيًا مع التزامات الولايات المتحدة ضمن إطار اتفاقية “بازل ٣”. ⁽٩⁾