اتفقت الولايات المتحدة والصين على تعليق الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع المتبادلة بين البلدين، مما أدى إلى تهدئة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وأدى هذا الاتفاق، الذي تضمن فترة تجميد لمدة ٩٠ يومًا وأُعلن عنه يوم الإثنين ٥ مايو في جنيف، إلى إشاعة التفاؤل في الأسواق المالية وتعزيز الآمال في مفاوضات مستقبلية أوسع.
خلفية الاتفاق
يعكس الاتفاق تحولًا في اللهجة بين الطرفين، حيث أشارت كل من الولايات المتحدة والصين إلى ضرورة تجنب التحديات الاقتصادية، بحسب ما أعلنه وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت، مشيرًا أيضًا إلى بداية علاقة تجارية مستقرة. وتنص شروط الاتفاق على أن تخفّض الصين الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من ١٢٥٪ إلى ١٠٪، في حين تخفض الولايات المتحدة رسومها على الواردات الصينية من ١٤٥٪ إلى ٣٠٪، بينما تبقى الرسوم بنسبة ٢٠٪ على واردات الفنتانيل الصينية سارية لمدة ٩٠ يومًا تبدأ في ١٤ مايو. ⁽١⁾
وقد جاء هذا التقدم بعد محادثات ثنائية مكثفة خلال عطلة نهاية الأسبوع في منطقة بحيرة جنيف، وصفها بيسينت بأنها “بناءة ومثمرة”. وتوصل الطرفان إلى “توافق مهم” واتفقا على تأسيس روابط اقتصادية جديدة لمواصلة الحوار. وقال بيسينت في مؤتمر صحفي: “أجرينا محادثات مثمرة للغاية، وأعتقد أن المكان، هنا في بحيرة جنيف، أضفى قدرًا كبيرًا من الهدوء على هذه العملية الإيجابية”. ⁽٢⁾
هدنة مستمرة وسط تحديات قائمة
على الرغم من الترحيب بالاتفاق كخطوة إيجابية، إلا أنه لا يمثل نهاية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ستتم مراقبة الاتفاق الذي يمتد ٩٠ يومًا لتقييم فرص إجراء مفاوضات وتعديلات لاحقة. وقد تعهد البلدان بمواصلة التفاوض والانخراط مع دول أخرى أيضًا. وأكد بيسينت أن المفاوضات ستستمر ما دامت الجهود والمشاركة والحوار الجيد متواصلة. ⁽٣⁾
كما تناول الاتفاق قضايا أوسع، مثل مشكلات سلاسل الإمداد التي ظهرت خلال جائحة كوفيد-١٩. وأكد بيسينت على تركيز الولايات المتحدة على “إعادة التوازن الاستراتيجي” في الصناعات الحيوية مثل أشباه الموصلات والصلب والصناعات الدوائية، سعيًا نحو تحقيق مزيد من الاستقلالية أو تأمين الإمدادات من الحلفاء. واعتُبرت رغبة الصين في معالجة أزمة الفنتانيل من النتائج الإيجابية غير المتوقعة، حيث أشار بيسينت إلى أن المسؤولين الصينيين أظهروا فهمًا جديدًا لتأثير هذه الأزمة في الولايات المتحدة. ⁽٤⁾
ردود فعل الأسواق: موجة من التفاؤل
أدى الإعلان إلى استجابة قوية وسريعة في الأسواق المالية. ارتفعت الأسهم الأمريكية، حيث صعد مؤشر S&P ٥٠٠ بنسبة ٣٫٦٪، وناسداك ١٠٠ بنسبة ٤٫٣٥٪، وداو جونز بأكثر من ١٬٠٠٠ نقطة، مما يعكس ثقة المستثمرين في احتمالات استقرار التجارة العالمية.
كما ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بنسبة ١٫٥٪ ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر، حوالي ١٠١٫٨٠٠. ومع ذلك، لم تستفد جميع القطاعات بنفس القدر، فقد تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد إعلان الرئيس ترامب عن خطط لخفض أسعار الأدوية بنسبة ٨٠٪ بموجب أمر تنفيذي، وفقًا لمنشور له على Truth Social. ⁽٥⁾
نظرة مستقبلية
تشير التخفيضات المؤقتة في الرسوم إلى رغبة مشتركة في بناء “علاقة اقتصادية وتجارية مستدامة وطويلة الأمد ومفيدة للطرفين”، بحسب بيان مشترك للولايات المتحدة والصين. وقد أقر الطرفان بأهمية العلاقات التجارية الثنائية للاقتصاد العالمي، وشدد بيسينت على ضرورة تحقيق “تجارة أكثر توازنًا”، داعيًا الصين إلى فتح أسواقها بشكل أوسع أمام السلع الأمريكية، ومعالجة الاختلالات التجارية التي نسبها إلى إدارة بايدن السابقة.
ورغم التفاؤل، لا تزال التحديات قائمة، إذ تواصل الولايات المتحدة فرض رسوم تتعلق بالفنتانيل على الصين، رغم أن المحادثات حول هذا الملف تسير بشكل إيجابي، بحسب ما أشار إليه الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير. وسيعتمد نجاح فترة التجميد لمدة ٩٠ يومًا على قدرة البلدين على الحفاظ على حوار بنّاء وتحويل الإجراءات المؤقتة إلى اتفاقات دائمة.