تُعتبر شركة إنتل، الرائدة في صناعة الرقائق لالكترونية، حجر الزاوية في قطاع التكنولوجيا لفترة طويلة. ومع ذلك، شهدت الشركة مؤخراً تراجعاً في الأداء بسبب مزيج من التحديات الداخلية والضغوط الخارجية.
منذ استقالة الرئيس التنفيذي السابق بات غيلسنجر في الأول من ديسمبر، تراجعت أسهم إنتل بشكل حاد، مما يعكس مخاوف المستثمرين بشأن الاتجاه الاستراتيجي للشركة، التغيرات القيادية، وموقعها التنافسي في صناعة ديناميكية للغاية.
الأخبار الأخيرة والمنافسة
تراجعت أسهم إنتل يوم الثلاثاء بعد انتقاد موريس تشانغ، مؤسس شركة تايوان لصناعة الرقائق الالكترونية، لإستراتيجية شركة إنتل وأدائها في مجال تصنيع الرقائق. تُعتبر شركة تايوان لصناعة الرقائق الالكترونية رائدة في سوق تصنيع أشباه الموصلات، بينما أنفقت إنتل مليارات الدولارات لمحاولة مواكبة قدرات منافستها الإنتاجية.
تواجه الشركة ضغوطاً من منافسين مثل “إي أم دي” و”إي آر إم” في سوق تصميم وحدة المعالجات المركزية، كم أن مبادراتها في مجال تصنيع الرقائق مكلفة ولم تحقق النتائج المرجوة. وعلى الرغم من تحقيق تقدم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات مراكز البيانات، لا تزال الشركة متأخرة عن منافسيها في بعض القطاعات الأساسية.
خفضت وكالة “تصنيفات ستاندرد آند بورز العالمية” التصنيف الائتماني لإنتل، مشيرة إلى تعافٍ بطيء للأعمال وعدم اليقين بعد التغيرات الإدارية. وأبقت الوكالة على نظرة “مستقرة” للشركة، متوقعة نمواً بعد تعافٍ متواضع العام المقبل.
حصلت إنتل على تمويل بقيمة 7.86 مليار دولار من وزارة التجارة الأمريكية ضمن قانون “شيبس”الأمريكي لدعم خطط الشركة الاستثمارية في أريزونا، نيو مكسيكو، أوهايو، وأوريغون.
القيادة
أثارت التغيرات القيادية الأخيرة في إنتل حالة من عدم اليقين بين المستثمرين. فقد استقال الرئيس التنفيذي بات غيلسنجر بشكل مفاجئ، وسط تقارير تفيد بعدم رضا مجلس الإدارة عن تقدم الشركة في تحقيق التحول المطلوب.
تميزت فترة غيلسنجر بجهود طموحة لإعادة إحياء قدرات التصنيع واستعادة الريادة من منافسين مثل “إي أم دي” و انفيديا. ومع ذلك، فإن رحيله أثار تساؤلات حول فعالية واستمرارية هذه المبادرات.
لمواجهة تحديات القيادة، عيّنت إنتل خبراء تصنيع الرقائق الالكترونية مثل إريك موريس وستيف سانغي في مجلس إدارتها. موريس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “اي اس ام ال”، وسانغي، المدير التنفيذي المؤقت لشركة ميكروشيب، يجلبان خبرة قيمة في الوقت الذي تسعى فيه إنتل إلى تحسين استراتيجياتها التصنيعية وتأمين المنح من قانون شيبس الأمريكي.
الأداء المالي
أعلنت إنتل عن إيرادات بلغت 13.3 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024، بانخفاض نسبته 6% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023. وسجلت الشركة خسائر صافية بلغت 16.6 مليار دولار (3.88 دولار للسهم الواحد)، بسبب تكاليف إعادة الهيكلة البالغة 15.9 مليار دولار، والتي شملت نفقات إعادة الهيكلة وتقليص قيمة الأصول، وبدل التقييم مقابل أصول الضرائب المؤجلة الأمريكية.
ورغم هذه التحديات المالية، أظهرت بعض القطاعات صموداً. حيث حقق قطاع مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي إيرادات بلغت 3.3 مليار دولار بزيادة سنوية قدرها 9%، بينما سجل قطاع الشبكات والحوسبة الطرفية إيرادات بلغت 1.5 مليار دولار بزيادة 4% عن العام الماضي.
للتعامل مع التراجع المالي، أطلقت إنتل خطة لخفض التكاليف بقيمة 10 مليارات دولار تركز على الكفاءة التشغيلية، بما يشمل إعادة هيكلة، تقليص القوى العاملة، وخفض النفقات. وتوقعت الشركة إيرادات تتراوح بين 13.3 مليار و14.3 مليار دولار للربع الرابع من 2024، مع خسارة متوقعة قدرها 0.24دولار للسهم الواحد، مع سعيها لتحقيق استقرار في الأداء وسط سوق تنافسية.
التحليل الفني
المصدر: TradingView
يبدو أن أسهم إنتل في اتجاه هبوطي قوي حيث تتحرك الأسعار دون نقطة المحور وتشكل مستويات منخفضة جديدة. كما أن المتوسطات المتحركة الثلاثة أعلى من السعر، مما قد يزيد من الضغوط الهبوطية.
يقف مؤشر القوة النسبية لفترة 14 يوماً عند 24.81، مما يشير إلى أن السهم قد يكون في منطقة ذروة البيع. قد يوحي هذا باحتمال حدوث انعكاس سعري، إلا أن استمرار المعنويات السلبية قد يضيف حالة من عدم اليقين لحركة السعر.
إذا استمرت الضغوط الهبوطية، قد يستمر السعر في الهبوط، حيث يراقب المتداولون مستوى الدعم عند 19 دولاراً. وإذا تمكن السعر من الارتداد، قد يسعى المشترون لاستعادة مستويات أعلى من 21 دولاراً، مما قد يعكس الاتجاه.
الخلاصة
قد تستمر حالة عدم اليقين في التأثير على أداء سهم إنتل. ورغم التحديات المالية والتغيرات القيادية التي أضعفت ثقة المستثمرين، فإن الجهود الاستراتيجية لتحسين العمليات وتوسيع الحضور في السوق قد تؤتي ثمارها على المدى الطويل.
ومع ذلك على إنتل التغلب على مخاطر التنفيذ وضغوط المنافسة لتحقيق أهدافها. وبالنسبة للمتداولين والمستثمرين، يمثل السهم مزيجاً من المخاطر والفرص، مما يجعله خياراً مثيراً للاهتمام، وإن كان يتطلب الحذر، لمن يتطلعون للاستفادة من إمكانات نمو صناعة الرقائق الالكترونية.