يواجه الدولار الأمريكي ضغوطًا كبيرة بعد صدور بيانات اقتصادية أضعف من المتوقع، وسط مخاوف متزايدة من تصاعد الحرب التجارية التي قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وإبطاء النمو العالمي.
بينما يراقب المستثمرون التطورات المتعلقة بالرسوم الجمركية والبيانات الاقتصادية، استقر مؤشر الدولار الأمريكي بالقرب من أدنى مستوياته في مارس. وقد أثارت التوترات التجارية العالمية الناجمة عن نوايا ترامب بشأن الرسوم الجمركية احتمال اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات انتقامية، وحذرًا من الثقة في المملكة المتحدة بشأن المفاوضات التجارية.
دخول الرسوم الجمركية المتبادلة لترامب حيز التنفيذ
أعلن الرئيس دونالد ترامب رسميًا عن بدء تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة التي طال انتظارها. حيث فرض ضريبة أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مع فرض رسوم أعلى على بعض الدول المستهدفة.
كما شمل الإعلان رسومًا جمركية بنسبة 34% على الواردات الصينية، و20% على الاتحاد الأوروبي واليابان. ⁽¹⁾

ترامب يكشف عن الرسوم الجمركية المتبادلة على الدول المستهدفة.
المصدر: وايت هاوس على منصة إكس
شهدت الأسواق المالية حول العالم عمليات بيع مكثفة، حيث استعد المستثمرون لاحتمالية اندلاع حرب تجارية شاملة.
أثار هذا القرار مخاوف بشأن اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار على المستهلكين، خاصة بعد تهديد الصين باتخاذ تدابير مضادة ضد الرسوم الإضافية. كما هدد الاتحاد الأوروبي بالانتقام في حال فشلت المفاوضات مع ترامب. ⁽²⁾
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 1% بعد الإعلان، بينما قفز الذهب إلى مستوى قياسي جديد بلغ 3,168 دولارًا للأونصة.
مخاوف من الركود الاقتصادي
أثّرت البيانات الاقتصادية الأخيرة بشكل سلبي على الدولار الأمريكي والاقتصاد الأمريكي ككل. وتشير التوقعات إلى أن أداء البيانات الاقتصادية سيظل ضعيفًا خلال الربع الأول من عام 2025 بسبب تصاعد التوترات التجارية.
تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي لشهر مارس إلى منطقة الانكماش، مسجلاً 49.0 نقطة، مقابل 50.3 في فبراير، وأقل من التوقعات عند 49.5. وقد فاقمت هذه البيانات المخاوف في قطاع الصناعة.
كما كشف تقرير فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة لشهر فبراير عن انخفاض في عدد الوظائف المتاحة، حيث بلغت 7.57 مليون وظيفة، مقارنة بـ 7.76 مليون في يناير. ومع ذلك، بقيت عمليات التسريح منخفضة، مما يشير إلى بعض الاستقرار في سوق العمل. ⁽³⁾
في المقابل، سجل الناتج المحلي الأمريكي نموًا بنسبة 2.4% خلال الربع الرابع من عام 2024، متجاوزًا التوقعات. ولكن من المتوقع أن يتباطأ هذا النمو في المستقبل، بعد أن خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعاته الاقتصادية. ⁽⁴⁾
كما أظهر تقرير الوظائف لشهر مارس بعض المؤشرات الإيجابية لسوق العمل، حيث ارتفع عدد الوظائف في القطاع الخاص بمقدار 155 ألف وظيفة.⁽⁵⁾
تتجه الأنظار الآن إلى تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر مارس، الذي سيصدر يوم الجمعة، والمتوقع أن يسجل 139 ألف وظيفة. وفي الرقت نفسه، من المنتظر صدور معدل البطالة، المتوقع أن يستقر عند 4.1%، ومتوسط الأجور الشهرية المتوقع عند 0.3%.
الاحتياطي الفيدرالي: ما التالي بشأن أسعار الفائدة؟
قرر الفيدرالي الأمريكي تثبيت أسعار الفائدة عند 4.50% في اجتماعه الأخير، لكنه أعرب عن مخاوف متزايدة بشأن حالة عدم اليقين الاقتصادي نتيجة سياسات ترامب التجارية.
خفض البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 1.7% بدلاً من 2.1%، ورفع توقعاته للتضخم إلى 3%، مما يعكس تحديات مستقبلية مع بقاء التضخم مرتفعًا. ولا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً بشأن أسعار الفائدة، حيث يخشى أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار وزيادة المخاطر الاقتصادية. ⁽⁶⁾
أظهرت استطلاعات الرأي تراجع ثقة المستهلكين والشركات، مما عزز المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية على التوظيف والاستثمار.
لا تزال توقعات الاحتياطي الفيدرالي غير واضحة بسبب هذه الرسوم الجمركية، التي قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم على المدى القصير وإبطاء النمو الاقتصادي. وقد رفعت جولدمان ساكس مؤخرًا احتمالات الركود من 20% إلى 35%، مما يشير إلى ضعف أداء الاقتصاد الأمريكي.
تتوقع الأسواق المالية أن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس خلال العام لدعم النمو الاقتصادي، مع ترقب تطورات البيانات الاقتصادية. ⁽⁷⁾
أداء الدولار الأمريكي مقابل الذهب

المصدر: ترايدنج فيو (الأزرق: الدولار الأمريكي، الأبيض: الذهب)
تفوق أداء الذهب على الدولار الأمريكي منذ بداية عام 2025، بسبب ضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية، وخفض أسعار الفائدة من البنوك المركزية العالمية، وتصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية.
توقعات الدولار الأمريكي
من المتوقع أن يظل الدولار متقلبًا، مع عدم وضوح الاتجاه العام. إذا أدت رسوم ترامب الجمركية إلى ارتفاع التضخم، فقد يصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشددًا، مما قد يوفر دعمًا قصير الأجل للدولار. ومع ذلك، فإن ضعف البيانات الاقتصادية وضغوط الحرب التجارية قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، مما قد ينعكس سلبًا على أداء الدولار في المستقبل.